الإعلام في القطاع الصحي الخاص.. أدوار تكاملية مهمة ومتزايدة
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
تكمن أهمية الإعلام في قدرته الكبيرة والمتنامية على التأثير في المجتمعات وتشكيل اتجاهات الرأي فيها، لذلك اهتمت المجتمعات الإنسانية المبكرة بالإعلام كل على طريقته الخاصة، وفي عصرنا الحالي تضع الدول والمنظمات المدنية والخاصة الإعلام في موقع متقدم من أولوياتها، فتطورت وسائله وتعددت وتفرعت علومه وأنماطه، فظهر مصطلح الإعلام المتخصص الذي يُعرف بأنه ذلك الذي يركز اهتمامه في مجال محدد من مجالات المعرفة أو الأنشطة، ومن أهم مجالات الإعلام المتخصص الإعلام الصحي في منشآت القطاع الخاص، الذي رغم حداثته في المملكة استطاع بتأثيره الكبير ورسائله القوية أن يحجز له موقعاً متقدماً في الوسط الإعلامي المزدحم بشكل غير مسبوق.
إن أهمية الإعلام المتخصص في منشآت القطاع الصحي الخاص تنبع من أن دوره يتكامل مع دور الإعلام الصحي الرسمي، الأمر الذي جعله يسهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للخطط الصحية، خاصة في جوانب تحسين نمط حياة الناس، وزيادة الوعي الصحي والوقائي ونشر المعلومات الصحية، وقد ظهر ذلك جلياً أثناء جائحة «كوفيد 19»، حيث تقاسم الإعلام الصحي في القطاع الخاص الخندق مع الإعلام الرسمي في مجابهة الفيروس، والشائعات التي ملأت الفضاء، وظل طوال ذروة الجائحة يرسل الرسائل التوعية والتثقيفية باستمرار، عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي والنشر والبث في مختلف وسائل الإعلام المقروءة والمشاهدة والمسموعة، وقد وجدت هذه الرسائل لقوة وتنوع محتواها والاحترافية العالية في إعدادها وصياغتها وإخراجها إقبالاً كبيراً، وأسهمت في رفع مستوى وعي المتلقي ومكنته من التعامل مع الوباء بالشكل الصحيح في وقت كان فيه الارتباك حيال المرض هو سيد الموقف، وذلك بسبب الغموض المحيط بالجائحة والتشويش الكبير الذي أحدثته الشائعات.
وما سبق يؤكد الأهمية البالغة لوجود إدارات متخصصة في الإعلام الصحي بكل منشآت القطاع الصحي الخاص، والضرورة بالتأكيد ليست مقصورة على ما سبق بل تمتد لتشمل أسباباً موضوعية عامة وخاصة تتعلق بمقدم خدمة الرعاية الصحية نفسه، ومن أبرز الأسباب العامة، الحاجة الماسة لإعلام متخصص وقوي ومحترف ومتوافق وداعم للإستراتيجية الصحية الوطنية، لمواجهة المشكلات التي تجتاح العالم بين كل حين وآخر، وتسونامي الشائعات والمعلومات المضللة التي تصاحبها عادة، بتوعية المجتمع وتثقيفه ليكون مهيئاً للتعامل مع هذه المشكلات والأخطار بالشكل الصحيح وتعزيز الوقاية منها، والمساهمة كذلك في غرس وترسيخ العادات الصحية السليمة التي تساعد على الوقاية والسيطرة على العديد من الأمراض المصنفة ضمن الأسباب الرئيسة المؤدية إلى الوفاة.
وفي جانب الأسباب الأخرى فإن إدارات الإعلام في القطاع الصحي الخاص تلعب أدواراً مهمة لا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال، ومن أهم أدوارها، مشاركتها الفاعلة في الأيام الصحية العالمية مثل أيام السكري، وسرطان الثدي والقلب والزهايمر وغيرها من الأيام والمناسبات العالمية، بأنشطة توعوية وتثقيفية مميزة تسهم في رفع الوعي المجتمعي، كما أنها تعكس وتبرز الإنجازات والنجاحات عبر مختلف الوسائل والمنافذ الإعلامية، وإعداد المجلات العلمية المحكمة بالتعاون مع المراكز المختصة والمجلات التعريفية والبرشورات وغيرها من المطبوعات، وكذلك ترصد ما ينشر وتحلله لمعرفة اتجاهات الآراء، وتصمم وتنفذ الحملات الإعلامية، فضلاً عن إعداد اللقاءات التلفزيوينة والإذاعية والصحفية مع الأطقم الطبية، وكذلك تنظيم وتغطية الفعاليات والأحداث المهمة، وغيرها من الأنشطة الإعلامية التي تهدف بشكل رئيس إلى صناعة صورة ذهنية إيجابية عن الحدث أو المنشأة، كما أن هذه الإدارات تقوم بتعزيز الشراكة مع المؤسسات الخاصة والحكومية إضافة إلى التواصل مع مختلف وسائل الإعلام، والمشاركة في الأنشطة الخارجية، علاوة على تقديم الدعم والمشورة الإعلامية لمختلف الإدارات.
إن أهمية الإعلام الصحي في القطاع الخاص ينبع من أهمية الإعلام العام كأداة تنوير وتثقيف وكذلك أداة تصدٍ لمختلف أنواع الاستهداف خاصة الشائعات ومحاولات التشويش، كما أن حساسية الإعلام الصحي تنبع كذلك من حساسية الصحة نفسها، لذلك فإنه مطالب بالتدقيق في رسائله الإعلامية قبل إطلاقها للمتلقي لأن المعلومة الطبية الخاطئة يمكن أن تتسبب في عواقب وخيمة.
ختاماً في عصرنا الحالي تعاظم دور الإعلام وتمدد تأثيره في كافة المناحي، كما أن الإنسانية تواجه الكثير من الأخطار الصحية التي تتطلب مواجهتها والانتصار عليها تضافر جهود كافة القطاعات الحكومية والخاصة والمجتمعية، وهذا هو الدرس الذي تعلمناه من «كوفيد 19».
عبدالعزيز الفريان
(نقلا عن الجزيرة)