وﻛﺎﻥ ﺃﻣﺮه ﻓﺮﻃﺎ
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
يقول أحد الأصدقاء: ﺟﻠﺴﺖُ مع رفيق لي، كان ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﻮﻗﺖ يتحدﺙ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ﻭرحلات، ﻭأﺛﺎﺙ، وسفر، ومطاعم فخمة ومشترﻳﺎﺕ كثيرة، ﺣﺘﻰ ﺷﻌﺮﺕُ معه ﺃﻧّﻲ ﻻ ﺃﻣﻠﻚُ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ. ﺃﻣﺎ هو ﻓﻌﻨﺪه ﻛﻞ ﺷﻲﺀ، ﻭﻓﻲ أحد الأيام ﺍﻟﺘﻘﻴﺖ به ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ، فحكى ﻟﻲ ﻋﻦ ﻗﻮﺍﺋﻢ ﻣﺸﺘﺮﻳﺎته ﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻒ، ﻭﺗﻐﻴﻴﺮه ﻟﻠﺴﺘﺎﺋﺮ ﻭعفش المنزل و..ﻭ..ﻭ ..!!
ﻭﺑﻌﺪ ﺗﻔﻜﻴﺮ عميق ﺍﻛﺘﺸﻔﺖ ﺍﻛﺘﺸﺎﻓﺎً ﺧﻄﻴﺮﺍً، ﺍﻛﺘﺸﻔﺖ ﺃﻧّﻲ ﺑﺮفقته ﺃﺷﻌﺮ معه ﺑﻨﻘﺺ، ﻭﺑﺪﻭنه ﺃﺷﻌﺮ ﺑﺈﻣﺘﻼﺀ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻓﻘﺮﺭﺕُ ﺃﻥ ﺃﺑﺘﻌﺪ عنه.
ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ذلك اليوم أﻗﺮﺃ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜﻬﻒ فتوقفت عند ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: (ﻻ ﺗُﻄﻊ ﻣﻦ ﺃﻏﻔﻠﻨﺎ ﻗﻠﺒﻪ ﻋﻦ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻭﺍﺗﺒﻊ ﻫﻮﺍﻩُ ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻣﺮﻩ ﻓﺮﻃﺎ)!! ﺃﺳﺮﻋﺖ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ أبحث عن ﻣﻌﻨﻰ”ﻓﺮﻃﺎ” فإﺫﺍ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺿﻴﻊ ﺃﻣﺮ ﺩﻳﻨﻪ، ﻭﺗﻬﺎﻭﻥ ﻓﻴﻪ، ﻭﺍﻧﺸﻐﻞ ﺑﺪﻧﻴﺎﻩ ﺣﺘﻰ ﺃﺻﺒﺢ ﻛﺎﻟﻌﻘﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﻘﻄﻊ ﻭ تناثرت حباته..! ﻓﺄﻳﻘﻨﺖ ﺑﺼﺤﺔ ﻗﺮﺍﺭﻱ ﻭﻫﻮ ﺍﻻﺑﺘﻌﺎﺩ عنه.
ﻣﻦ ﺍﻵﻥ ﻓﻜﺮ ﻓﻲ صحبتك لأصدقائك!
ثق ﺃﻧﻚ ﺳﺘﺄﺧﺬ ﻣﻨﻬﻢ شيئاّ ﻣﺎ ينفعك..
صاحب القنوع المخلص ستصبح مثله.
صاحب الخلوق المتواضع ستصبح مثله.
صاحب ﺍﻟﻤﺒﺪع الفطن ﺳﺘﺒﺪع ﻛﺤﺎله.
صاحب من يحب ﺍﻟﺨﻴﺮ والعطاء ﻭ نفع الناس.. ستصبح مثله.
صاحب صاحب الدين من يدلك على الله في كل تصرف و موقف، ستصبح مثله.
فإن جالست.. فجالس الصالح.
وان شاورت .. فشاور العاقل.
وإياك ومن سّفه نفسه.. ولم يقيم لآخرته وزناً أن ترخي له سمعك.
صاحب من لا يكون أمره فرطا.. ﻭﺇﻻ ﺃﺻﺒﺤﺖ مثله.
أذكر في هذا المقام حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل [1] رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح.
وقول الزمخشري: جالس العقلاء أعداء كانوا أم أصدقاء، فغنى العقل يقع على العقل.
خاطرة.. إذا كنت في قوم فجالس خيارهم فإنك منسوب إلى من تجالس – زرافة بن سبع الأسدي.
دمتم بمودة.