الغيث يتساءل: لماذا نجدِّد “جوالاتنا” و “سياراتنا” و نرفض تجديد “أفكارنا”؟
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
الرياض: عناوين
أوضح عضو مجلس الشورى الدكتور عيسى الغيث، أن مجتمعنا يحتاج إلى وسطية تتسع للرأي والرأي الآخر وفق منظومة شرعية أخلاقية تستوعب جميع أبناء هذا الوطن وتحتوي اختلافاته التنوعية، مشيراً إلى أن هناك فئتين تضران بمصالح الوطن: الفئة التي تبالغ في المدح وتدعي الكمال والمثالية في المؤسسات والوزارات، والفئة التي تضخم الأخطاء وتتخذ منها ذريعة للتعبئة ورسم صورة سوداوية غير واقعية.
جاء ذلك خلال إلقائه مساء أول من أمس محاضرة بعنوان “الأمن الفكري بين النظرية والتطبيق”، افتتحت الدورة الثانية لمقهى بارق الثقافي.
وبين أن الأمن الفكري مطلب مُلحٌّ في ظل الانفتاح المعلوماتي الذي يعيشه العالم اليوم، مشيراً إلى أهمية فقه الاختلاف، ومستشهداً بما كان من الهدي النبوي واختلاف مسلك الصحابة الكرام رضوان الله عليهم في حادثة بني قريظة المشهورة، حيث أخذ بعضهم بمنطوق الحديث وأخذ آخرون بمفهومه دون أن ينكر بعضهم على بعض ودون أن ينكر النبي الأكرم على أيٍّ من المسلكين، بل حتى دون ترجيح اجتهاد على الآخر.
وأشار الغيث في المحاضرة، التي أدارها الدكتور علي الرباعي، إلى أهمية التزام المنهج العلمي القائم على التثبت وفحص الأقوال والأخذ والرد على هديٍ من الكتاب والسنة، مع ضرورة استخدام العقل والاستقلال الفكري حتى لا نقع ضحية لأصحاب الأهواء والأفكار المتطرفة والمنحرفة، التي تستلهب العواطف وتثير الحماس ليذهب ضحيتها الآلاف من أبناء هذا الوطن كما هو الحال في من انضم إلى داعش والقاعدة.
وتساءل: لماذا نقبل التجديد في جوالاتنا وسياراتنا وأثاثنا وملابسنا ثم نقف حجر عثرة في وجه التجديد في الفكر؟، ومن جهة أخرى لماذا لا نخضع أنفسنا للمراجعة والتقويم؟، ولماذا نفترض صواب آرائنا مع أن الإمام الشافعي كان يقول “رأينا صواب يحتمل الخطأ”.
كما تساءل في السياق نفسه: لماذا حتى إذا سمعنا بالمراجعات فإننا لا نكاد نسمع بالتراجعات مع أن المنتظَر أن تبرز التراجعات متى ما كان ثمة مراجعات حقة؟. وشدد الغيث في محاضرته على أن مؤسسات المجتمع المدني بما فيها مقهى بارق الثقافي تقع عليها المسؤولية في تقديم أدوار للدفع باتجاه الأمن الفكري واستقرار المجتمع. وعقب المحاضرة، أتيح المجال للمداخلات والأسئلة بدأها غرم الله الصقاعي، الذي أثنى على المحاضرة، وأشار إلى الفرق المفهومي بين “الأمن الاجتماعي” و”الأمن المجتمعي”. ومن جانبه، قال الشيخ أبو طالب إن انتماء أبناء هذا الوطن لقيادتهم ووطنهم، وأن الفكر المتطرف فكر دخيل استغل عواطف الشباب وغرر بهم.
أما عبدالعلام الفلقي، فقال إن الغيث يؤكد باستمرار وفي غير مناسبة على قضية التراجعات التي ينبغي أن تنبني على المراجعات، مشيداً بطريقة الغيث في التعامل مع مخالفيه. وتساءل الإعلامي عبدالله السالمي، عن إمكانية استبدال مصطلح «الأمن الفكري» بمصطلح آخر يكون أكثر جذباً وحميمية في أوساط الشباب، مبيناً أن مصطلح «الأمن الفكري» قد يكون محفوفاً بسوء الفهم.
وأشاد محافظ بارق سلطان السديري، بجهود المقهى الثقافي شاكراً للمحاضر طرحه ولمدير الأمسية إدارته البارعة ومؤكداً على أهمية موضوع المحاضرة، ومثمناً في الوقت ذاته دور بلدية محافظة بارق في احتضان فعاليات المقهى الثقافي