عبدالمحسن هلال منتقدا أرامكو: النفط ليس بقرة حلوبًا
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
تناقص الطلب على النفط أمر طبيعي في ظل التطورات العالمية على خارطة إنتاج النفط، ليس تزايد إنتاج النفط الصخري والتحول للغاز فقط، ولا زيادة إنتاج الدول خارج منظمة الأوبك وحسب، بل الأهم انخفاض معدلات استيراده من المنطقة لدول استهلاك كبرى مثل الصين وأمريكا. المفترض، والحال كذلك، التركيز على تنويع مصادر الدخل، واستخدام النفط مطية لتحقيق هذا التنوع، لا زيادة الاعتماد عليه بزيادة الاستثمار فيه. جميعنا يتذكر التوجيه الملكي المباشر بإبقاء النفط تحت الأرض، إذ هو استثمار له وحفظ لحق الأجيال القادمة فيه، الاصرار على زيادة الإنتاج والتمسك بسقف 12 مليون برميل يوميا في ظل سوق مشبعة، وإن تحسنت فلا يتلاقى تحسنها مع رغبتنا الاستراتيجية الأولى بتنويع مصادر الدخل، بل سيبقينا مقيدين لدخل لم نساهم بصنعه وتكوينه، ويبقي اقتصادنا ريعيا، وهو ما يتعارض مع كل خططنا التنموية والسبب الرئيس لعدم نجاحها في تحقيق هدفها الأول منذ أول خطة خمسية قبل نصف قرن إلى آخرها العاشرة الحالية، وهو تنويع مصادر الدخل.
تطورات السوق النفطية أسقطت أسين من أسس سياسة أرامكو الإنتاجية، وبظني المتواضع أن على أرامكو الحديثة أن تدرك هذه الحقيقة، دورها كموازن للسوق، Stabilizer، وكضامن لاستمرار التدفقات النفطية دعما لاستقرار الاقتصاد العالمي، هما وظيفتان أو دوران تجاوزهما الزمن، فكموازن هناك الآن منتجون كبار يمكنهم التأثير سلبا وإيجابا في السوق، وكضامن لاستمرار التدفقات النفطية يعني، ضمن أشياء أخرى عدة، تناقص فرص الاستثمار محليا لتكوين وإنشاء قواعد اقتصادية متنوعة المجالات لبدء تنويع مصادر الدخل لتأمين المستقبل ضد أي تقلبات في عالم النفط، وحماية لاستمرار تمويل مشاريع التنمية الكبرى، ولخلق وظائف جديدة من خلال هذه الصناعات تساعد في القضاء على البطالة.
ولأنه أمر استراتيجي أتساءل عن إمكانية مرور قرار كهذا، استثمار 400 مليار دولار لإنتاج مزيد من براميل نفط قد لا تجد من يشتريها، على المجلس الاقتصادي الأعلى أو على مجلس الشورى، أو حتى على مجلس الوزراء النظر في إمكانية إقراره تنافسا مع خيارات أخرى تتماهى وتتكامل مع هدفنا الاستراتيجي بتنويع مصادر الدخل العام. إذا كانت أرامكو قد برعت في إقامة المدن الرياضية، وأجادت في إنشاء المستشفيات، فلم لا تخوض مجالات أهم وأكثر فائدة للاقتصاد ككل باقتحام عالم الصناعة بمفهومها الأشمل، بدءا من مجال الخدمات والصيانة إلى عوالم التصنيع الأكثر تقنية وتعقيدا، لخلق قطاع عام صناعي قوي تحقيقا لمفهوم الاقتصاد المعرفي الذي أصبح أحد خياراتنا الاستراتيجية.