خربشة ومغزى
الغوص واللؤلؤ .. تراث من الخليج العربي
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
مغاوص اللؤلؤ في الخليج العربي
ذكرها الشيخ الفقيه أبو عبدالله شمس الدين
بن إبراهيم الطنجي الرحالة
المشهور والمعروف بابن بطوطة
الذي ولد في نطجة
سنة 703 للهجرة في كتابه
“رحلة ابن بطوطة: تحفة النظار في
غرائب الأمصار وعجائب الأسفار”
حيث قال:
“ومغاوص الجوهر فيما بين سيراف
(مدينة أثرية تقع في بوشهر جنوب إيران)
والبحرين في جون (خليج) مثل الوادي العظيم.
فإذا كان شهر نيسان وآيار تأتي إليه
القوارب الكثيرة فيها الغواصون
وتجار فارس والبحرين والقطيف
ويجعل الغواص شيئاً على وجهه
مهما أراد أن يغوص
من عظم الغليم وهي السلحفاة
ويصنع من هذا العظم أيضاً
شكلاً شبه المقراض يشده على أنفه
ثم يربط حبلا على وسطه ويغوص
يتفاوتون في الصبر في الماء
فإذا وصل إلى قعر البحر يجد الصدف
هنالك فيما بين الأحجار الصغار مثبتا
في الرمل فيقتلعه بيده
أو يقطعه بحديدة عنده
ويجعلها في مخلاة جلد منوط بعنقه
فإذا ضاق نفسه حرك الحبل
فيحس به الرجل الممسك للحبل
على الساحل فيرفعه إلى القارب
فتؤخذ منه المخلاة
ويفتح الصدف فيوجد في أجوافها
قطع لحم تقطع بحديدة
فإذا باشرت الهواء جمدت فصارت
جواهر فيجمع جميعا من صغير وكبير
فيأخذ السلطان خمسة والباقي يشتريه
التجار الحاضرون بتلك القوارب وأكثرهم يكون له دين
على الغواصين فيأخذ الجواهر
في دينه أو ما وجب له ”
صحفي فرنسي
يقال له Albert Landre
كان في رحله إلى البحرين
ذكر مشاهداته
عن استخراج اللؤلؤ فيها
فقال حينما عاد إلى باريس
مخاطبا المرأة الفرنسية
لما رأى من مشاق وعصامية
الغواصين التالي :
” أن في البحرين جماعة
من العرب والسودان والصوماليين
في البحر ليصطادوا اللآلئ
وكلما غاصوا عادوا وأضلاعهم
تريد أن تنقصف
والدم ينصب من خياشيمهم وآذانهم
ولم يلبثوا بعد الغوص الطويل
أن يدركهم الصمم
ويصيبهم العمى
ويخامر قلوبهم داء عياء
ثم إن الشيخوخة
تدهمهم وهم أبناء ثلاثين سنة
وأما صرعة الموت
فتنزل بهم ولم يبلغوا الأربعين
وقد أبيّت أن ابسط لك
كيف يهدد أنواع السمك الغواصين
خشية أن يروعك حديثي
وحسبك ما أخبرتك به
كي تعلمي ما ثمن العقد
الذي يزين جيدك
فاذكري أولئك الغواصين
من حين إلى حين وأرثي لهم ”
اللؤلؤ
متباين الأنواع والأوصاف
وأفضل اللآلئ
ما وجد في الغلاف المبطن للصدفة
بقرب شفتيها
أو في لحم الحيوان
عند مفصل صدفته
وأجودها
الكروي الأبيض الخالي
من الشوائب
أو كما قال التيفاشي المتُوفي
عام 651 للهجرة
وهو أمازيغي عالم بالأحجار الكريمة
حيث ذكر :
” أفضل الدر عندهم الفريدة
وهي المستديرة الشكل
التي لا تضاريس فيها
وتسمى عند عامة الجوهريين
المدحرجة التي تجمع الأوصاف
الخمسة النقاء
والشفافية وهي المائية
وكبر الجرم
والدحرجة
وضيق الثقب إذا كان مثقوبا
ويتلوها المستديرة الكمثرية الشكل
ثم البيضوية ”
صيد اللؤلؤ
طالما صاحبه فن وإمتاع
لألوان شعبية من السامري واليامال
والزهيري والمواويل
وهي للتخفيف والتَّصبر تطلي لياليهم
وأحيانا يكون فيها مراويس وطوس
وهبان، الآت لتنوع أداء يختارونه
والنَّهام هو المنشد الذي يتبعه
البحاره ويُطرب الأسماع
هكذا كان فُلْكُلُور أهل الخليج العربي
وكأن النَّهام يدق سمعنا بالتالي:
فجر اللولاح يا عاذل تجلـى وطـارْ
شِفهم جفوني ومنهم ما قضيت أوطارْ
جسمي نحل والعقل مني تنحى وطارْ
من يوم حادي الظعن سار لولاهـنْ
وبظامري جاورت بحشاي لولاهـنْ
ولولا المزعجات بليالي الشؤم لولاهنْ
ما كان فرخ القطا عاف المنام وطارْ
صيد اللؤلؤ وحكايته
تدثرت بموروث وعصامية
في طلب الزرق
وصنائع معروف
وأهل الخليج العربي توارثوا ذلك
وهم من يذودون
عن حياضه ومكتسباته
وهذا النسق والألق لا ينطفئ