خربشة ومغزى
“تسمع بالمعيدي خير من أن تراه”
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
يُروى في كُتب الأدب
قصة لمثل عربي قديم والمثل هو:
تسمع بالمعيدي خير من أن تراه
ذكر هذا المثل الحسن اليوسي الفقيه الأديب المالكي
المُتوفى عام 1691م
الذي نُعت بـ “غزالي عصره”، في كتاب له
اسمه “زهرة الأكم في الأمثال والحكم”
حيث فصل ما يلي :
“تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه”
المعيدي تصغير المعديّ
مشددا بالدال، ثم خُففت عند التصغير
كراهية اجتماع الساكنين.
قال النابغة الذبياني :
ضلَّتْ حُلُومُهُمُ عنهمْ، وغَرَّهُمُ
سنُّ المُعَيديَّ فِي رَعْيٍ وتَعْزِيبِ
وهذا على ما وقع في الصحاح
(كتاب الصحاح في اللغة) للجوهري
المُتوفى عام 1002م،
وكذلك ذكره غير الجوهري،
من أن المعيدي في هذا المثل
إلى معد بالتشديد.
وقيل :
المعيدي نسبة إلى معدٍ
بسكون العين وتخفيف الدال.
وهي قبيلة وتصغيرها معيد
والمعيدي المذكور رجل من هذه القبيلة،
كان فاتكا يغير على مال النعمان
بن المنذر (ملك الحيرة)، فيأخذه ولا يقدرون.
فأعجب به النعمان لشجاعته وإقدامه فأمنه
فلما حضر بين يديه ورآه استزرى مرآته لأنه كان دميم الخلقة.
فقال:
لأن اسمع بالمعيديّ خير من أن تراه.
فقال:
أبيت اللعن إنَّ الرجال بجزر
وإنّما يعيش المرء بأصغريه
قلبه ولسانه.
فأعجب النعمان كلامه وعفا عنه
وجعله من خواصه إلى أنَّ مات.
وهذا المثل ضُرب عبر الأجيال ليحمل معنى،
إنَّ سماعك بالمعيديّ خير من رؤيتك إياه
لأي أحد يكون له صيت وذكر حسن.
فإذا رأيته اقتحمته عينك
وكان عند خبره دون خبره
وقيل :
معناه أسمع به ولا تره على الأمر.
وهنالك مرويات نذكر تنوعها للاستفاضة
أن هذا المثل أول ما قيل، لجشم
بن عمرو بن النهدي
المعروف بالصقعب النهدي، والمنسوب إلى قضاعة
وهذا على من قال إنَّ قضاعة
من معد (أي عدنانية والمشهور عند النسابة أن قضاعة تُنسب لحمير من قحطان)
لأن نهداً من قضاعة، والصقعب المذكور هو الذي ضرب به المثل
فقيل “أقتل من صيحة الصقعب”
زعموا إنّه صاح في بطن أمه، وإنّه صاح بقوم فهلكوا عن أخرهم .
وقيل :
المثل للمنذر بن ماء السماء،
قاله لشقة بن جمرة التميمي.
وذلك إنّه سمع بذكره فلما رآه اقتحمته عينه
فقال أن تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه.
فقال شقة:
أيّها الملك إنَّ الرجل
لا تكال بالقفزان ولا توزن بالميزان،
ولست بمسوك يسقى فيها الماء،
وإنّما المرء بأصغريه، قلبه ولسانه
إنَّ قال قال ببيان
وإنَّ صال صال بجنان
فاعجب المنذر لمّا سمع منه
وقال:
أنت ضمرة بن ضمرة
(أي قليل اللحم رقيق)
وذكر المؤرخ الدمشقي المُتوفى
عام 1211م ، صاحب كتاب التراجم الشهير “وفيات الأعيان”
شمس الدين بن خلكان “أنَّ أبا محمّد القاسم بن علي الحريري رحمه الله
جاءه إنسان يزوره ويأخذ عنه شيئاً، وكان الحريري دميم الخلقة جدا
فلما رآه الرجل استزرى خلقته ففهم الحريري ذلك
فلما طلب الرجل إنَّ يملي عليه .
قال له:
اكتب ما أنت أوّل سار غرة قمر
ورائد أعجبته خضرة الدمن
فأختر لنفسك غيري
إنني رجل مثل المعيدي
فأسمع بي ولا تراني”
تتالق كل اسبوع وكل اسبوع تتفوق علي الي قبله حفظك الله وابطال ببقاءك