أول مرجع يؤرخ للعلاقة بين أكبر حركة إسلامية وقوى غربية
الإخوان المسلمون والغرب.. كتاب لمركز الملك فيصل
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
أصدر مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الترجمة العربية لكتاب “الإخوان المسلمون والغرب: تاريخ العداوة والارتباط” للباحث البريطاني مارتن فرامبتن، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة كوين ماري في لندن.
ويعد الكتاب أول مرجع يؤرخ أدق تفاصيل العلاقة بين أكبر حركة إسلامية في العالم وبين قوى الغرب ـ بريطانيا وأميركا ـ التي هيمنت على الشرق الأوسط في القرن الماضي. كما يعد الكتاب وثيقة تاريخية مهمة، إذ اعتمد الكاتب على آلاف الوثائق التي رفعت عنها السرية، من قبل الحكومة الأميركية والبريطانية، ومؤلفات الإخوان المسلمين، ومذكرات لبعض المصريين، وعدد كبير من الصحف والمجلات الغربية والعربية الصادرة في تلك الفترة.
في غلاف الكتاب نقرأ:”لكي تستوعب أهمية ما يحدث في العالم العربي اليوم استيعابا كاملا، عليك أن تفهم الإسلام السياسي في سياق التاريخ الأوسع للمنطقة. ويتحفنا هذا الكتاب بسرد متأنق ودقيق ومؤرخ لما كان من تقارب بين الغرب وجماعة الإخوان المسلمين طوال الثمانين عاما التي أدبرت، فهو مرجع لا يستغني عنه من أراد أن يعلي فهمه ويبدد لبسه. وينبغي لكل صانع للسياسة بالمنطقة أن يقرأه”. (السير جون جينكينز، السفير البريطاني السابق بالمملكة العربية السعودية).
ونقرأ أيضا:”مرجع يتسم بدقة البحث واستثارة الفكر. ودراسة رائدة تذخر بأدلة تاريخية دامغة”.( حازم قنديل، جامعة كامبريدج). ونقرأ:”سيبقى عمل فرامبتن، بتأريخه، وشموله، وتفصيله، وبراعته؛ المرجع التاريخي الكلاسيكي لعلاقة الإخوان المسلمين بالغرب”. (بيث بارون، مديرة مركز الشرق الأوسط الأميركي، جامعة مدينة نيويورك).
يتكون الكتاب من بابَين، وكل باب ينقسم إلى أربعة فصول، إضافة إلى مقدمة، وخاتمة تتضمن النتائج التي توصل إليها الباحث في دراسته الرائدة التي ترصد علاقة الإخوان المسلمين بالغرب المتمثل ببريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.
يتمحور الفصل الأول على تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في شهر مارس 1928 على يد حسن البنّا، المدرِّس البالغ من العمر 21 عامًا بمحافظة الإسماعيلية الذي دعا، منذ البدء، إلى إقامة دولة إسلامية، تُطبّق أحكام الإسلام وتعاليمه التي تُفضي إلى “إعادة الخلافة المفقودة” التي ترفض الفصل بين الدين والدولة.
ويسلّط الباحثُ الضوءَ على السنوات الأولى للحرب العالمية التي تعرّض فيها الإخوان للقمع بشتّى صوره كالمراقبة الصارمة، والاعتقالات، وتعطيل الأنشطة.
يؤكد فرامبتن في كتابه أنّ صورة “الإخوان” النمطية مرتبطة بالإرهاب والتطرّف والرجعية ولا يستطيع الغرب أن يتقبّلهم كحركة “معتدلة” وهم يعادون كل أشكال الحياة المتحضرة. ويتطرق الكتاب إلى الهيمنة الأميركية التي دعمت مجلس قيادة الثورة بوصفه قوة معتدلة تسعى للتحديث وتوالي الغرب، وقد ساد الاعتقاد بأنّ الإخوان جماعة تنتمي إلى الماضي بينما يمثل عبدالناصر المستقبل.
ويتوقف الباحث عند هيمنة عبدالناصر وجاذبيته المحلية والعالمية التي جعلت من الإخوان مسألة هامشية ذهبت طيّ النسيان، كما أدركت الدوائر الغربية أنّ القوى الدينية في الشرق الأوسط في حالة تقهقر مُقارنة بالعلمانيين والقوى الداعية إلى الحداثة. ورغم أن جماعة الإخوان شهدت بعثًا قويًا ومتشددًا على يد سيد قطب الذي صوّر الغرب كمَطمَر للقيم الروحية إلاّ أنها جُوبهت بالقمع وفضّلت الإنزواء على الظهور العلني بعد تنحّي عبدالناصر عن السلطة وعودته القوية إليها بضغط جماهيري واسع النطاق.
ينطوي أحد فصول الكتاب على إعادة تقيّيم للإخوان في خضم النهضة الأصولية بين عامي 1970 – 1989 حيث سعى أنور السادات لاستخدام الجماعة للتخلّص من مناوئيه الناصريين واليساريين لكنه ما إن أصبح حليفًا للغرب حتى وجد الإخوان أنفسهم مرة أخرى إلى جانب أمريكا في حربها الباردة ضد الاتحاد السوفييتي. ويرى فرامبتن أن دخول السادات في معاهدة سلام مع إسرائيل قد سمّم الأجواء من جديد، وعرّض الجماعة للقمع خلال الأشهر الأخيرة من حكمه لكن حسني مبارك سيتمكن من ترويضهم وضمهم إلى حكومته. كما يرصد الباحث شبكة من المؤسسات الثقافية التي كوّنها الإخوان في أوروبا وأمريكا الشمالية توحي للآخرين بأن الجماعة ظاهرة عالمية لها وجود في الغرب حتى وإن كان مركز ثقلها في الشرق الأوسط.
ويرصد الكتاب تطوِّر الجماعة من منظمة لم تكن تهتم إلاّ بالسياسة الغربية في مصر لتصبح حركة دولية لها حضور واسع النطاق في الغرب. وبحلول العقد الأول من القرن الـ 21 كان هناك ما يشبه الإجماع بأنّ الإخوان عنصر أساسي في أي عملية ديمقراطية على مستوى المنطقة. ومع ذلك ظلَّ الغرب في نظر الجماعة حضارة معادية وملتزمة بتدمير الإسلام. ولم يكن التوفيق مع الغرب إلاّ مناورة تكتيكية يحرّكها دافع الخوف من القوة الغربية التي يزدريها الإخوان في أعماقهم.