الرأي , هواجيس
فصل ثالث (أ)
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
في مدرسة الحياة الجميلة فصول كثيرة ومتعددة.. متفاوتة ومتجددة.. وبها ساحة جميلة مترامية تحوي الجميع.. أشجارها وارفة.. وزهورها متناثرة.. نوافيرها نابعة.. طيورها صادحة.. تلك كانت مدرستنا.. نعيش فيها حياتنا.. لدينا مدير حكيم ووكيل نشيط.. ومعلمين جهابذة.. وفصول واسعة. الحياة تمضي بنا على موجات سعادة متعاقبة.. تؤرجحنا بهدوء فتصفو أفكارنا وترتخي أجسادنا ونستسلم لاسترخائنا.. فنعود من جديد ممتلئين بالمزيد.. راغبين بالمفيد.. مستمتعين بالنشيد.. في كل صباح يبعث فينا روحاً تسيد..
تلك هي مدرستنا.. وفي أطرافها.. بعيدًا عن الأعين.. وفي مكان منزوٍ.. كان فصل ثالث (أ).. نشاهد بعض الطلاب يدخلون إليه ويخرجون منه.. ونشاهد بعض المعلمين يدلفون ثم يختفون.. الوضع كان مريباً.. غريباً.. عجيباً.. لنتأمل الفصل. يجلس في مقاعده طلاب تتوسم فيهم النباهة وهم في حماقتهم يعمهون.. تعتقد أنهم نهلوا من العلم جبالاً وإذ هم للكذب صانعون.. يحكون تدليساً بصوت الحق.. يقلبون الكلم عن مواضعه.. نساؤهم كرجالهم انتفت عنهم صفة القوارير.. لا تعرف لهم مذهبا.. ولا تستطيع تحديد ديانتهم.. لا تعرف من يعبدون ولاهم يعبدون من تعبده. فضحتهم خيمة من نظنه مجنون.. وكشف ستار عهرهم والمجون.. كالذباب يتخبطون كالفراش حول النار يتساقطون..
جدران فصلهم موشحة باللون الأحمر بظلال سوداء قاتمة.. يقودهم ثعبان في أرذل العمر.. ويحركهم شيطان رضع من دابة الكُفر.. لديهم قداسة للبشر فيما بينهم.. يصنعون الشرّ.. يؤلبون ولا يتألبون.. يرجفون ولا يرتجفون.. يرسمون الزندقة وينشرونها.. ويتقنون من الهرطقات مالا يتحمله عقل العاقل ولا فؤاد المؤمن. ليس لهم لغة موحدة.. ولا جنسية مقيدة.. يُعلمون الشيطان ما لم يعلمه.. ويصنعون لإبليس خرابا لم يحلم به. مشتتين متوحدين.. متقلبين بأوجه كثيرة. يخدمون الصليب والنجمة.. ويؤمنون بالتماثيل والبقر.. ولهم مع الفرس صحيفة.. فيها من الكراهية قصيدة.. متناسين أهل العقيدة.. يستحقون أن يكونوا طريدة.. صانعين للعنف والمكيدة.. يستخدمون المساجد وسيلة..
ذلك فصل لشرذمة مكر وخديعة.. يستنزفون الدين وأهل العقيدة.. يكذبون في الصبح والظهيرة.. ويمكرون في الليل على صوت التعميرة.. يسهل معرفتهم.. وكشف سريرتهم.. حتى قبورهم سوف تتألم منهم.. لا يطهرهم ماء السماء ولا تراب الأرض.. هم نبتة شيطانية تعيش على دماء البشر.. وثمرها فوضى خلاقة تقضي على سنن الحياة. هذا هو فصل ثالث (أ) عجّل الله هلاكه وأراح العباد من ويلاته.. والله المستعان.