“مدير الأحساء”.. والتنوع الثقافي

شارع المدير في حي الرفعة الشمالي بمدينة الهفوف العتيقة في الأحساء سكن في وسطه الزعيم سالم شوقي – رحمه الله – أول مدير شرطة بالمحافظة في عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل – رحمه الله- بعد دخوله الأحساء عام 1331هـ ، ومن الواضح أن الأهالي أطلقوا عليه ذلك المسمى الشعبوي لحسن التعامل والتواضع الجم للزعيم ، مما جعل أثره جميل بينهم ناهيك عن الدور الأمني الأيجابي الذي ساد واستمر حتى عهدنا هذا ، ورغم مرور عقود من الزمن لا يزال في ذاكرتهم ذلك الزعيم وعاش بين جيرانه (الغريب ، الشامي ، الزامل ، البوسعد الجميعة ، السعيد ، العمر ، العبدالحي ، المربط ، النوبي ، الدهماء ، البلم ، الذكرالله ، البوقريشي ، الغشام ، البرمان “.

ولأهمية هذا الشارع تنافست النشاطات لتضع لها موطئ قدم فيه ، وعندما يذكر اسم الشارع تحضر الصورة الذهنية ، وهو الفن الشعبي والموسيقي الذي ذاع صيته في الرياض والبحرين والكويت ، وأبرز الفنانيين الشعبيين في تلك الفترة ( مطلق دخيل ، طاهر الأحسائي ، عيسى الأحسائي ، سلطان عبدالله ، خالد الشجار ، علي التركي ، بشير حمد شنان ، فهد بن سعيد ، صالح الصفية ، عابد عبدالله وغيرهم ) ، وكان عثمان السيف يبيع ويخيط الإسطوانات ، وكذلك الحمد المعروف بالحبيصي وخليفة العبندي وصالح المحسن والد الموسيقار ناصر الصالح وصالح البوقريشي والقطيفيي – رحمهم الله – أما مقدم الإسطوانات فهو مصطفى الجلعوز بتسجيلات (نجدي فون) ويوسف الهارون يسجل و ينسخ أشرطة (الكاسيت) ، ويستمر صالح الزامل حتى الآن في بيع الآلات الموسيقية.

شهد منزل خليفة عبدالرحمن الجميعة المآتم و حفلات زواج شباب الرفعة الشمالية (مجاناً) ، وكان من بين مراسم حفل الزفاف (المجيلسي) ، وهو حفل غنائي شعبي يقام عصر يوم الزفاف وجمهوره شباب الحي وعدد من المدعوين ويغادرون قبيل أن يرفع عبدالعزيز البوقريشي أذان المغرب من مسجد الزغيبي المقابل لمنزل الحفل وإمامه أحمد الذكرالله ، ويشرف على المسجد صالح السعيد (بو عطية) – رحمهم الله – وإمامه الحالي عثمان البخيت و المؤذن عبدالله الطيبان .

و انتشرت على جنبات الشارع عدد من المخابر الشعبية والأفران ومنها عمر بوقيس ، راشد بوحسن ، محمد السماح ، مبارك النجدي ويجاورهما بكر الحجازي ويعمل على “وانيت” لنقل الرمل وخبازين من البلدات الشرقية الأحساء جوار محل إسماعيل النوبي لبيع الطحين الأبيض ويقابله ورشة أحمد الذكرالله لصيانة الأسلحة الخفيفة اليدوية وبنادق الصيد ، ويقابل المسجد ورش صيانة المسجلات والراديو والاسطوانات لكل من عيسى الخترش ، إبراهيم العبندي ، بو خمسين ، الغزال ، الشافعي وفي الطرف الشرقي للشارع عدد من ورش النجارة لكل من علي العمران و حيدر وحسين الحمد والذين تخصصا في إعداد المجسمات التراثية الخشبية ، وكان يقابلهم ساحة لبيع التمور والعيش الحساوي ، ومن ثم شيدت البلدية مجمع للحوم في (سوق الخر) مجاور لمقبرة صغيرة لغير المسلمين ، ومنذ عامين أزالت البلدية المجمع لصالح مشروع الطريق الدائري الداخلي الهفوف ، والذي سيكون بطول 8 كلم ‏وهو تحت الإنشاء‏ ، أما ‏في الطرف الغربي فكانت حرف الخرازة للبلم و البو حسن والجميعة وصوالين حلاقة وتجميل وختان، وقبلهم بائع (البرشوته) إبراهيم المسلم المجاورين لمحلات الجهة الشمالية لسوق القيصرية ويقابلهما مباني المالية و الشرطة و كهرباء الأحساء لتحصيل قيمة الفواتير ومبنى تسجيل الموظفين في أرامكو السعودية – عملاق النفط في العالم – وحفيز العامر لبيع المواد الغذائية ، وجوارهم مكتبة (السعادة  ويملكها خليفة العمر وخاله يوسف البوحسن ، واستديوهات التصوير الفوتوغرافي وتخص كلٌ من ياسين الغدير وعلي الوايل وجاسم البحريني و الوصيبعي وجمعة الخليفة (رحمهم الله) ، واختاروا هذا النشاط الفني لقربه من مكتب أرامكوا السعودية والأحوال المدنية والجوازات (الجنسية) وعلي الوايل-رحمه الله- أول من قام بالتصوير النسائي وحصل على ترخيص لذلك في 28 محرم1393 هـ ، و درّب زوجته للقيام بذلك وأول نساء قام بتصويرهن العائلة الكريمة لرئيس بلدية الأحساء آنذاك حمد بن عبدالله الصغير-حفظه الله- أما عبدالله المرير وعلي البحريني فهم متخصصين في أعمال الكهرباء وبعد حريق القيصرية في 7 رجب 1422هـ تهافت أصحاب المحلات على شارع المدير وتغيرت أنشطة الشارع حيث احتلّ نشاط بيع المشالح (البشوت) والفرش والقطنيات والعطورات غالبية المحلات .

أبرز سمة لهذا الشارع استيعاب المتنوع والمختلف ، و أقترح على وزارة الثقافة أن تضمه لاحتفالات اليوم العالمي للتنوع الثقافي الذي نشهده في يوم21 مايو من كل عام .