الرأي
الوطن والمواطنة في عصر جائحة كورونا
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
تحمل وتكبد العالم في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد؛ خسائر اقتصادية ضخمة وافلاس، وسخرت العديد من الدول للحد من انتشار فيروس كورونا الكثير من الموازنات والموارد، واستقطعت أكثر الدول نسبة من موازناتها المالية الإنمائية للحد من انتشار الفيروس، وتقليل حجم الخسائر الناتجة عن توقف الأعمال والعاملين والبقاء في العزل المنزلي، وما تبع ذلك من إجراءات وتدابير احترازية ووقائية تمثلت في الإيقاف التام لأكثر الأنشطة الاقتصادية ونقاط البيع، في إطار سياسات احترازية تستهدف البقاء في المنازل والتقيد بإجراءات التباعد الاجتماعي والتجمعات بكل صورها وأشكالها وظروفها إلى أقصى درجة الأمان، بما يساهم في الحد من انتقال الفيروس والتقليل من انتشاره، توافق مع ذلك الانخفاض الحاد في أسعار النفط الذي شكل هو الآخر تحديا اقتصاديا أثر سلبا على الموازنات الإنمائية للدول فكانت مدخلا لاتخاذ تدابير أكثر فاعلية في هذه المواقف المأزومة.
فالمملكة كغيرها من دول العالم المعتمدة في اقتصادها على النفط قد تأثرت جراء التدني الحاصل في أسعار النفط والتحديات الاقتصادية التي فرضها انتشار فيروس كورونا على الموازنة العامة للدولة والمنظومة الاقتصادية وبيئات الأعمال في ظل التوقف التام للعديد من الأنشطة الاقتصادية؛ عليه ايقنت المملكة في سبيل التقليل من التأثير السلبي لهاتين الأزمتين إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات والتوجهات الاقتصادية الساعية إلى الحد من التأثير المرهق على اقتصادها الوطني، وهو توجه حكيم يأتي نحو تبني جملة من الحزم الإجرائية والتدابير الاقتصادية والوقائية والاستشرافية؛ بالشكل الصحيح الذي يجعل من المملكة في مقدمة الاقتصاديات العالمية مستفيدة من الفرص والمعطيات والمقومات الوطنية التي تعزز بدورها مكانة المملكة كواجهة جيوسياسية ومن أقوى اقتصادات العالم، فالمرتكزات الرئيسية في أجندة المملكة المستقبلية، لمواجهة الآثار الناتجة عن انخفاض أسعار النفط وتحقيق الوفرة المالية في الإنفاق الحكومي والتقليل من عجز الموازنة العامة للدولة؛ فقد ارتأت في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد منطلقات حكيمة والبدء بوضع خطط مرسومة، عبر جملة من الإجراءات الاستباقية للحد من تأثير انخفاض أسعار النفط وسرعة التخطيط لمجموعة من الإجراءات التي تستهدف تحقيق المزيد من التوازنات الاقتصادية، وإعادة برمجة الأولويات وخفض النفقات والتفكير المستقبلي قبل اعتماد أو طرح أي مشاريع جديدة أو الدخول في أي التزامات مالية بما يتلاءم مع التعامل مع هذه الأزمة برؤية استراتيجية وبقراءة أكثر عمقا وبخطط أكثر مهنية لبناء اقتصاد قوي والخروج من هذه الأزمات بأقل الخسائر الممكنة وبما يحفظ مساحات الثقة بين المواطن وجهود دولتنا لضمان الوصول باقتصادنا الوطني إلى مستويات عالية من القوة والتمكين، كل ذلك يعد دعامات استراتيجية تصنع من هذه الجوائح والأزمات مرحلة جديدة لإعادة توجيه المسار وفرض الأمر الواقع الذي يحفظ لاقتصادنا مكانته القوية على مستوى العالم، ومدخلا لتحقيق الوفرة المالية وإعادة التوازن الاقتصادي، والتي سيكون لها انعكاساتها الإيجابية على المدى البعيد، وتؤسس لبناء مجتمع قادر على العيش في الظروف الصعبة والتعامل مع هذه الجوائح بروح المواطنة الحقيقية.
هذا التوجه من شأنه أن يزيد في المرحلة المقبلة من تفعيل فرص التنويع الاقتصادي لمواجهة أثر انخفاض أسعار النفط بما تشكله هذه الإجراءات الجدية من فرص لإعادة ترتيب الوضع الاقتصادي والحد من حالة الاستنزاف السلبي للموارد التي تؤدي إلى زيادة العجز المالي والدين العام، ومراجعة الهدر المالي غير المبرر لضمان الاستقرار الاقتصادي والمالي وفق سياسة مدروسة تراعي تحقق فرص أفضل للمتابعة في بناء لغة اقتصاد وطنية متمازجة بالهيكل والعمل، ورؤية استشرافية اقتصادية تستفيد من الواقع وتستثمر من المستقبل، والمواطن هو المحور الأساسي للتنويع في بيئات الأعمال يكون فيها المواطن وحضوره الفاعل في أنشطتها وخططها أولوية وطنية مرغوبة، يتخذ فيها وطننا الغالي السياسات المعدة، لاستثمار القوى العاملة الوطنية، وإعادة النظر في هيكلة واقع الأيدي العاملة الوافدة وتنظيمها؛ بما يخدم الالتزامات الحكومية والضرورات المرتبة على سير الأعمال في وطننا الحبيب، لصنع من الواقع الاقتصادي فرصة لتقديم الأفضل، بما يجعل المملكة في خط أمان اقتصادي يتفاعل مع معطيات الواقع ومألات المستقبل، كل هذا يرتبط بوعي المواطن نفسه وإدراكه لمتطلبات هذه المرحلة، وما تعنيه هذه الظروف في مسار الأمان الوطني، ليكون بذلك سندا للحكومة في كل ما تتخذه من تدابير وإجراءات.
نعم السعودية ادارة ازمة او جانحة كرونا بجدارة وثقة. تحيا السعودية