حتى لا تتكرر تداعيات أزمة كورونا!
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
ينشغل المجتمع السعودي هذه الفترة بمتابعة مستجدات فيروس كورونا المستجد (covid-19) وتداعيات آثاره السلبية على الجميع، وكذلك ينشغل بالمشاركة في استراتيجيات السيطرة عليه بالالتزام بالحجر المنزلي وطرق الوقاية من المرض من خلال اتباع تعليمات وزارة الصحة التي تكاتفت تحت مظلتها الجهود الحكومية وبمتابعة توجيه من القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الآمين.
أظهرت المملكة العربية السعودية قدرة استثنائية في مواجهة الأزمة الوبائية عن طريق المبادرة المبكرة للتصدي والسرعة في اختاذ قرار التدخل للسيطرة على هذا الوباء. ومع أن المجتمع السعودي ليس بغريب على الأزمات الوبائية، ففي عام 2012م ظهر فيروس جديد من عائلة فايروس كورونا وهو ما سمي بـ (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية)، حيث سجل هذا الوباء العديد من الإصابات داخل المملكة و 21 دولة حول العالم، الا أن الزخم الإعلامي المصاحب لجائحة كورونا المستجد وتزايد لحالات الإصابة والتشديد في الإجراءات الاحترازية وما تبعه من ازدياد حالات القلق والتوتر من قبل الناس حول مصيرهم ومصير عائلاتهم ساهم في نشر الوعي داخل المجتمع بمسببات المرض، وعن كيفية انتشاره، وطرق الوقاية منه مثل التباعد الاجتماعي وغسل اليدين وتجنب لملامسه الوجه.
ولكن هذا الوعي الناتج لا يجب أن يكون مرحلياً مرتبطاً بالجائحة، فلا ينبغي أن تمر أزمة كورونا دون الاستفادة منها لتكوين وعي وقائي دائم ومستمر من الأمراض، فالرعاية الوقائية في صميم برنامج التحول الوطني، بل هي أحد الأنظمة الستة لنموذج الرعاية الصحية، بالحفاظ على صحة الأفراد والتركيز على المجتمع ككل من خلال اتخاذ نهج وقائي، ولا يمكننا تحقيق هذا النهج الوقائي إلا بمشاركة أفراد المجتمع من مواطنين ومقيمين من خلال غرس الوعي الصحي الوقائي.
ولتحقيق هذا النهج الوقائي يمكننا الاستفادة من استراتيجيات تنظيم المجتمع في الوقاية من -لا سمح الله- وبائيات مستقبلية.
حيث يركز تنظيم المجتمع بالعمل على تدعيم المشاركة الشعبية وتحقيق التعاون، وإحداث التغيير في السكان بما يؤدي الى تحسين أحوال مجتمعاتهم وانعكاسا لمفهوم التنمية المحلية، من خلال مشاركتهم في الجهود التطوعية واستثارة لروح التغيير لمواجهة السلوكيات التي قد تتسبب بعدوى وبائية كالمتاجرة بالحيوانات بطرق غير قانونية، كما أن الاستعانة بالقيادات الطبيعية دور يعزز من المشاركة الشعبية في الجهود الوقائية.
أيضا ضرورة حماية الثروة الحيوانية خصوصا التي تحمل قيمة ثقافية واقتصادية لدى أفراد المجتمع كالإبل، وتوعية أصحاب الحضائر بطرق وقاية أنفسهم ووقاية الحيوان بالتلقيح الدوائي وملاحظة الأمراض والتبليغ عنها، فالوقاية الوبائية لا تحمي الأجيال المستقبلية من خطر التعرض للأوبئة وما يصاحبها من مشكلات عديدة فقط، بل أيضا تحمي زوار بيت الله الحرام من التعرض للأمراض المعدية، ولم يأتي قرار القيادة الحكيمة المتمثل في إيقاف الحج والعمرة لهذا العام الا استشعاراً لهذه المسؤولية العظيمة، وهي حماية الأرواح.