الرأي , سواليف
صواريخ صدام.. وفيروس الكورونا
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
لا زلت أتذكر غزو صدام حسين للكويت في الثاني من أغسطس عام 90 ، ذلك اليوم الأسود في تاريخنا الخليجي والعربي . كما أتذكر بدء عملية تحريرها في السابع عشر من شهر يناير عام 91 ، والأحداث المتتالية في الفترة ما بين الغزو الغاشم والتحرير الكامل . صواريخ سكود التي كان يرسلها على الرياض العاصمة وعلى الخبر والظهران بحكم قربهما من قاعدة الملك عبدالعزيز ، وتواجد أعداد من جيوش التحالف الدولي لتحرير الكويت فيهما ، كانت ولا زالت حاضرة . وفي تلك الفترة عشنا واحدة من أصعب المحن التي مرت علينا . فرغم أن قواتنا الباسلة نجحت في التصدي لغالبية تلك الصواريخ . إلا أن صوت جرس الإنذار الذي كان يدوي لحظة انطلاق تلك الصواريخ للتحذير عن قرب وقوع الخطر ، كان يرعبنا أكثر من الصاروخ نفسه بحكم غريزة الحياة وحب البقاء .
أما اليوم فخوف الناس ليس بسبب تلك الصواريخ ، بل خوف إسمه “الكورونا” . خوف لا يحتاج الناس فيه إلى جرس إنذار، فجرس إنذارهم يعمل تلقائيا لحظة خروجهم من منازلهم . القفازات اليدوية حاضرة ، والكمامات معلقة ، والعيون تتابع من هم حولهم ، والآذان تسترق السمع على كل من يعطس أو يسعل . وما أن يعودوا لبيوتهم حتى تبدأ معركة غسل الأيادي بالماء والصابون والمعقمات لطرد هذا الشيطان الذي يخايلهم في هيئة فيروس .
قلت – آنفا – إن غريزة الحياة التي غرسها الله سبحانه وتعالى في كل مخلوقاته مهما كان حجمها أو وزنها ، هي التي تدفع المرء للخوف من أي شئ يهدد حياته . لا فرق إن كانت صواريخ بعيدة المدى مثل صواريخ سكود العمياء ، أو فيروس صغير غير مرئي للبشر مثل فيروس الكورونا . آنذاك كنا نلجأ لأقرب مكان فور سماعنا ذلك الجرس المرعب حتى زوال الخطر ، أما مع فيروس الكورونا فالخوف يلازمنا ليلا ونهارا ، فنحن لا نعلم كيف سيهاجمنا ، أو من سينقله لنا . وهذا ما يستلزم منا الإختباء دائما داخل منازلنا .
العدو حين تعرفه يمكنك مواجهته ، لكن إذا كان عدوك فيروسا غير مرئي ومختف عنك لا تعرف من أين ومتى سيأتي ، فإنه يجعلك إما أن تعيش في هواجس ومخاوف على مدار الساعة ، أو أنك ستدخل في مرحلة هلع كما حدث مع صديقنا “النمس” نبيل المعجل ، الذي أخشى أنه سيؤلف كتابا عن الوسواس الذي أصابه مع انتشار هذا الفيروس . فإن قرر هذا النبيل تأليف كتابه بالفعل ، فأقترح عليه عنوانا له هو “يا زينك منخش” على وزن كتابه السابق “يا زينك ساكت” . ومن لا يعرف معنى “منخش” ، عليه المرور على أحد دواعيس الدمام التي يتغنى بها “أبو فيصل” ليل نهار . ولكم تحياتي.