فساد جديد في مونديال قطر
ظهرت إلى السطح الرياضي خيوط فساد جديدة تُضاف إلى تلك الخيوط التي تتكشف اليوم بعد الآخر، حول منح قطر حق تنظيم كأس العالم 2022؛ حيثُ تواصلت التحقيقات الفرنسية في الشكوك المتعلقة بفساد حق التنظم.
وتساءل المحققون العاملون في قضايا الفساد المشتبه بها والمرتبطة بعملية المنح، عن تلك الروابط مع Veolia عملاقة الصناعة الفرنسية، التي يستثمر بها صندوق استثماري قطري ويُعد من المساهمين الصغار ليبرز اسم رجل الأعمال القطري غانم آل سعد، لينضم إلى شخصيات قطرية كثيرة متورطة في هذا الملف.
ورأى الكاتبان آلبان تراكيه، وستيفان سيلامي، في مقال نشرته صحيفة «ليكيب» الفرنسية، الاثنين (الثاني من مارس 2020م)، أن استثمار قطر في شركة Veolia يمكن أن يأتي ضمن التحقيقات الفرنسية في الشكوك المتعلقة بالفساد المرتبطة بملف كأس العالم 2022؛ معتمدين على معلومات مفادها أن هذه الصفقة المالية الهامة، التي تعود إلى أبريل 2010، «تطرح الأسئلة» لدى محققي مكتب مكافحة الفساد (OCLCIFF)، الذين يعملون سويًّا على القضيتين؛ لافتين إلى أن أحد المصادر القضائية أكد أنه يجري دراسة وتقييم هذين الملفين بواسطة مكتب المدعي العام المالي الوطني (PNF).
فساد فيوليا
وقالت الصحيفة الفرنسية، إن الاستثمار في رأس مال Veolia Environnement، عملاقة المياه والطاقة وإدارة النفايات، بواسطة صندوق الديار القطري (بما مقداره 5% مقابل 624 مليون يورو)، حدَثَ حين كانت إمارة الغاز في خضم حملة ضغط من أجل الترويج لترشحها لتنظيم كأس العالم 2022، وفي الثاني من شهر ديسمبر 2010 تم إعلان الإمارة الغازية الصغيرة كمستضيف للحدث.
ومضى الكاتبان، في المقال مشيرين إلى أن الديار القطرية، والشركة التابعة لصندوق الثروة السيادية لهيئة الاستثمار القطرية (QIA)، باعت حصتها في Veolia بالكامل عام 2018، وأن عملية الشراء الجزئية في عام 2010 أدت بالضرورة إلى تحويل عمولات سرية ضخمة للملاذات الضريبية، بمبلغ إجمالي قَدْره 182 مليون يورو؛ وفقًا لما أوردته صحيفة Libération في أبريل 2014، وذكرت الصحيفة أن ذات الترتيبات المالية بين قبرص ولوكسمبورغ كانت قد استُخدمت لشراء أسهم Veolia ولدفع العمولات في أن واحد.
وأظهرت متابعة الصحيفة الفرنسية لهذه المؤامرات المالية، دور رجل الأعمال القطري غانم بن سعد آل سعد، الذي كان يشغل منصب رئيس صندوق الديار القطري آنذاك، قبل أن يعفى في عام 2012. هو نفسه مَن أبرزته صحيفة «ميديا بارت»، في مقال نُشر خلال يونيو 2015، على أنه الفاسد الرئيسي المزعوم في الترتيبات المالية بين قطر وVeolia. وورد اسمه أيضًا في سويسرا في إطار التحقيق الذي يُجريه مكتب المدعي العام الاتحادي (MPC) حول “FIFAgate” وذات الشكوك المرتبطة بالفساد حول عملية منح تنظيم كأس العالم 2022 لإمارة الأثرياء.
ولا يزال السيناريو الشامل للاستثمار العالمي لشركة الديار القطرية في Veolia، قيد التحقيق الأوليّ من قِبَل المدعي العام المالي الوطني (PNF)، بالتوازي مع التحقيقات القضائية التي فتحت في 28 نوفمبر 2019، بشأن وقائع أبرزها الفساد بكافة أنواعه في قضية إسناد تنظيم كأس العالم 2022، وهي تحقيقات يقودها اثنان من قضاة التحقيق، تتعلق بوقائع كانت قد ارتُكبت في باريس وقطر وسويسرا خلال عام 2010.
وقال الكاتبين، إن استثمارات الديار القطرية في Veolia، في ربيع عام 2010، تغذي أسئلة النظام القضائي حول الأحداث الأخرى المحيطة بتصويت لجنة FIFA التنفيذية لصالح الدولة العربية الصغيرة في ديسمبر 2010 خاصة، وفي قلب التحقيق المستمر تم التطرق للغداء الشهير في قصر الإليزيه في 23 نوفمبر 2010، والذي شارك فيه على وجه الخصوص رئيس الجمهورية آنذاك نيكولا ساركوزي، ورئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (والعضو السابق في FIFA” comex”) حينها ميشيل بلاتيني، و أمير قطر المستقبلي وقتها تميم آل ثاني.
ودفعت هذه العناصر المحققين إلى توسيع نطاق تفكيرهم في الشكوك الناشئة عن القضية المتشعبة هذه. اهتموا أكثر بـ«عقد» يزعم فساده، يبقى لفترة من الزمان، تشترك فيه جهات فاعلة مختلفة ولهم مصالح مختلفة (مثل الوعود بالوظائف أو الدعم الدبلوماسي)، وهو أكثر من اتفاق بسيط بالمعنى الدقيق للكلمة، يقوم على أحكام القانون الجنائي؛ مما أدى إلى الرشاوى واللجان الرجعيةK في مقابل تعيين قطر كدولة منظمة، بات من الممكن شراء PSG من قِبَل صندوق قطر الاستثماري (Qatar Sports Investments)، في يونيو 2011، ومن ثم إنشاء قناة beIN Sports بعد عام.
وكشفت صحيفة «ليكيب» الفرنسية في إصدارها 28 يناير، عن أن شرطة المكتب المركزي لمكافحة الفساد والجرائم المالية والضريبية (OCLCIFF)، قامت بتفتيش مكاتب صندوق الاستثمار الولايات المتحدة في باريس، ومكاتب Colony Capital Europe، المالك السابق لـPSG، ومكاتب سيباستيان بازين، الرئيس التنفيذي السابق لها، في شهري مايو ويونيو 2019، وهو القريب من سلسلة أكور الفندقية ونيكولا ساركوزي أحد أعضاء مجلس إدارتها.
وبحسب المتاح من المعلومات يمكن أن يتم الاستماع إلى العديد من الشهود؛ بدءًا من سيباستيان بازين، في الأسابيع المقبلة.