الرأي , سواليف
الكورونا والشائعات وفقدان الثقة
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
نحن اليوم أمام تحد كبير عنوانه فقدان الثقة عند الكثير من شرائح المجتمع بما يصدر عن الجهات المعنية حين تفنيدها للشائعات وتوضيح الحقائق للناس . فتلك الشرائح تميل إلى تصديق الشائعة رغم عدم وجود أي مرجع أو دليل أو مصدر يؤكدها ، ولا تصدق المصدر الرسمي الذي يبين الحقيقة لها ، وهو ما يجعلنا بالفعل أمام ظاهرة يجب التوقف عندها . فالمجتمع القوي المتماسك هو المجتمع الذي يصدق ما ينقل له من الجهات الرسمية ، والتي لا مصلحة لها من إخفاء أي خبر مهما كانت خطورته . فالعالم بات قرية صغيرة مشرعة الأبواب لا يمكن معها حجب أي خبر .
من يتابع وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف منصاتها ، يمكنه اكتشاف منسوب المعلومات الخاطئة أحيانا ، أو الصادقة في جزء منها ، أو الكاذبة في بقيتها . هذه الأخبار يتم تناقلها بسرعة البرق . خاصة تلك الأخبار المثيرة أو السلبية ، حتى لو كانت تسيء للوطن وللمجتمع وللأفراد الأبرياء . ففي مجتمعنا كما في أغلب المجتمعات العربية ، سلبية خطيرة ، ورغبة جامحة للترويج للأخبار السيئة ، مثل الجرائم ، أو انتشار الأمراض ، أو فبركة الأحداث وتبهيرها .
قبل أكثر من ثلاثة عقود كانت وزارة الإعلام لدينا تنفي أي خبر مهما كان صحيحا ، حتى أطلق عليها البعض وزارة النفي . ومع أنه لا يمكن الحكم على ذلك كوننا لم نربطها بظروفها آنذاك ، إلا أن الجهات الحكو مية الآن تملك من الشجاعة والثقة الإعلان عن أي خبر أو تطور في قضية مهما كانت خطيرة أو مزعجة . فالنفي لم يعد له مكانا في هذا العصر المفتوح على كل وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء .
هذه الأيام يصر البعض على أن وزارة الصحة لا تعترف بأن هناك حالات تم اكتشافها مصابة بالفيروس الصيني الجديد “كورونا”، ويصرون على أن المتحدث باسم الوزارة لا يقول الحقيقة ، متجاهلين أن منظمة الصحة العالمية تلزم جميع الدول بالإبلاغ فورا ودون تأخير عن أي حالات مرتبطة بالأوبئة التي قد تظهر بين الفترة والأخرى في أي دولة من دول العالم . أي أن المملكة وغيرها من الدول ملزمة بالإبلاغ عن أي حالة يتم اكتشافها . ثم ماذا تستفيد الوزارة إن هي أخفت المعلومات ؟! لا شيء ، بل ربما تضر نفسها ، لأن تبادل المعلومات بين المملكة من جهة ، ومنظمة الصحة العالمية وبقية دول العالم من جهة ثانية ، أمر في غاية الأهمية ، لما فيه من فائدة للجميع .
علينا أن نثق بالمصادر الرسمية للوزارات المعنية ، فنحن اليوم لسنا – والحمدلله – في حالة حرب ، فما بالكم لو كنا كذلك لا سمح الله . حاربوا الشائعات ، وجددوا ثقتهم بما يصدر من الجهات الرسمية ، وانبذوا تلك الأخبار السلبية التي تضر ولا تنفع ، ولكم تحياتي.