الرأي , هواجيس
الخير يخصّ والشرّ يعمّ
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
مقولة لطالما عشعشت في عقولنا لعقود طويلة.. وتأصلت حتى أصبحت من المسلمات .. أصبحت عبارة لتبرير العقوبات الجماعية والتكريم الفردي.. في العسكرية إذا كان هناك خلل ما.. يعاقب القائد كل الفرقة أو الفصيل لخطأ قد يكون يختص بأحد ما.. ولكنه مرغم أن يعمل وفق ذلك المثل .. وربما يأثم بعقوبة أشخاص لا يستحقون سوى أن تلك المقولة كانت دافعاً له وقانوناً عسكرياً أصبح جزءا من تربية ذلك العسكري ليطبقها على البشر .. في المدارس قد يعاقب جميع الطلاب لأن هناك طالب قام بإتلاف مرفق بالمدرسة .. لا يكلفون أنفسهم عناء التحقيق والتحقق ومحاسبة المتسبب.. بل يجعلون العقاب جماعيا .. وترسخ تلك الفكرة في عقول النشء .. عشنا تلك العقود وكانت تلك المقولة قانوناً للعقاب وليس مبادرة للثواب..
وكانت في الجامعة أيضاً.. تأتي تعليمات للدكتور بعدد من يمنح A وعدد من يمنح B وهكذا دواليك.. سواء كان الطالب جهبذا أو ملخبطا.. أتذكر دكتور المحاسبة في جامعة البترول.. وضع لنا إختبارا نصفيا مليئا بالتعقيد ويقع في 27 صفحة وأعطانا 3 ساعات وقتاً لكي ننهيه. وكانت أولى مواد المحاسبة.. وعندما بدأنا بالإجابة قال وهو على المسرح بكل بجاحة: “حاولت حلّ الإختبار مساء الأمس وأخذ مني ساعتين ونصف.. وأعطيتكم ثلاث ساعات” مثل أولئك لا أعلم بما يشعرون هل هم فعلاً معلمون أو نفسيات وضعت في المكان الخطأ..
ونرجع لهذا القانون البشري المجحف .. الشرّ يعم والخير يخصّ.. ونقارنه بالنهج الرباني .. فالله سبحانه يبحث عن أصغر الأمور ليمنحنا حسنات ويضاعفها ويشاركنا ويشارك غيرنا.. يغدق علينا برحمته خيرًا يعمّ الكون.. ويخص بعقوبته لمن يستحقها.. فالمطر حينما يرسله الله لنا.. لايحدد بيت فلان أو مزرعة فلان.. يسقط على ما كان مقدرًا له .. ولا تزال تلك العبارة دارجة عند تلك النفوس التي لا تدرك معنى الرحمة التي يفتقدونها..
ختاماً .. حينما يخونك صديق ما فهذا لا يعني أن البقية خونة.. وحينما يخونك التعبير في حدث ما فهذا لا يعني أنك لا تتقن التعبير.. لنعمل على أن يعمّ الخير للجميع .. ويختص الشر بصانعيه.. والله المستعان.