الرأي
( الحرف الأوفى )
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
( الحرف الأوفى )
استدعاء الأفكار للكتابة ثم توليفها بمفردات معبّرة ،ثم حمل بعضاً منها بسفينة المشاعر .. يحتاج وقتاً و جهداً من ( الكاتب ) للإبحار بمهارة و لتصل لسواحلها بحذر
هذا ما لا يعلمه غير الكاتب ، ظاناً أن الكلمات جاهزة في أحد أدراج المخ ، يفتحه ليضعه أمام أي طالب لها في أي مناسبة يرغب .
جئتُ ذات صباح إلى المدرسة و حال دخولي للتوقيع بالحضور ، و إذا بإدارتي الموقرة و قبل حتى خلعي لعباءتي ، تطلب مني على عجل ، أن أكتب لهم كلمة لمناسبة ما ، كي تُلقى في الإذاعة الصباحية
حاولت التملص و إفهامهم أن الأمر لا يُجدي بتاتاً ، ولكن كان مما ماله بدٌّ
اضطررت لإخماد فتنة قد تحدث لاحقاً لهم على الخصوص ، وتلافياً أن تصيبني بعضاً من شظاياها ..فأعلنت شروطي -المستبدة- ، وهي
التفرغ بغرفة الوكيلة وعدم الدخول لأتمكن من استجداء الإلهام فلربما لم يستقظ بعدُ ، و كتابته برشاقة فنيّة لبضع دقائق
مهيئين لي كافة الإمكانات لحين وصول موكب الخطاب ، الذي ستلقيه مديرة المدرسة
.. هذا الأمر و أمثاله و إن اختلفت صياغة الحدث ، يتكرر كثيراً على أي فرد يُعرف بإجادته لمَلَكة الحرف ، مروراً بأصعبها و هو ( التأليف ) و الأقل كـ ( التنقيح ) .. لكن الأدهى على الإطلاق أن يأتي أحدهم متلمساً ” نصّاً أدبياً ” ذو شجون ، كي يرسله مذيلاً بأسمه !
لا يعنيني ما يطلبون ، فلعلها حاجة عارضة لديهم ، ولا بأس بتقديم المعونة المحدودة كالكتابات الرسمية و ما شابهها .
و لكن هل أدركوا كم أن ” عامل الوقت ” مهم لإشعال جذوة الإلهام التي قد تستعصي أحياناً على الكاتب نفسه حين يستدعيها فلا يجدها رغم اصطخاب مشاعره الداخلية !
و لو كان الإلتماس من أجل ” نص أو حتى تغريدة صغيرة المقاس ” هل يتوقع هؤلاء مثلاً ..أن الكاتب يمتلك مهارة قراءة الطالع ليتكهن بكامل إحساسهم وعمقه ؟
فتتدفق أفكارهم إليه كالسيل العرم !
ثم عليه أن يتلبس بشخصياتهم كيفما و متى شاؤوا !
يقول الفيلسوف الفرنسي نيتشه : الأسلوب هو الرجل .
الكُتّاب ليسوا نسخاً متشابهة ، ولا مكررة ، ولا بعدد أصابع اليدين … إنهم كالنجوم ، كرذاذ الذهب اللامع ، هم سكون الليل ، و صوت النهار اليافع
الكاتب هو الشعور أولاً ، قبل الفكرة ، و بدء الحرف
و الكتابة كالعطر لابد لها أن تختلط برائحة عرقك الخاص لتكون أنت .!
قلمٌ جميل وإنسانه رائعه ومشاعر متدفقه بالصدق والدفئ .
هنيئاً لنا بك وباإبداعتك ولكل ماسيطره قلمك عبر هذا المنبر غاليتي هدى 🌹
“الكاتب هو الشعور أولاً ، قبل الفكرة ، و بدء الحرف.
و الكتابة كالعطر لابد لها أن تختلط برائحة عرقك الخاص لتكون أنت .!“
———————————
☝️ما أجمله من وصفٍ وكلام أديبتنا الرائعة جداً.
مطلق ندا