الرأي
أعشق بلغة العرب لا بمدنهم
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
عندما يهبك الله حباً ، والحب رزق ، أركض بقلبك لضادنا واستعذ بالله من عنادنا .
نحن العرب نحمل لحبك لغة السماء ، نزفت عينك دمع أو دماء .
ونحمل لك الهم والغم والسم لنتركك كقيس مجنون أو جميل مسنون ..
لنخبرك بلغة العرب عن أخبار العباد في الحب والبلاد.
ولأنك عربي أبي تستطيع أن تقول (أحبك ) ب ٣٨ كلمة ومعنى ، بحسب حالك ومحالك ، ولأننا اليوم وصلنا إلى أعلى مراتب الدهاء والبهاء في الحب فقد أضفنا إلى قاموس اللغة المعنى التاسع والثلاثون وهي كلمة (خروف ) وعلى اليونيسكو أن تتنبه بذلك .. والخروف هو الذي تزوج امرأة ولم يضربها حتى كتابة هذه اللحظة …وإلى أولئك الطاعنين في البؤس واليأس ليس لكم في الحياة بيات .
لنعود للحب ومعانيه وتراكيبه في أيام العرب ولياليهم
يقول جميل لبثينته:
خَليلَيَّ إِن قالَت بُثَينَةُ ما لَهُ
أَتانا بِلا وَعدٍ فَقولا لَها لَها
أَتى وَهوَ مَشغولٌ لِعُظمِ الَّذي بِهِ
وَمَن باتَ طولَ اللَيلِ يَرعى السُهى سَها
فقد أصيب بالسهاد..والسهاد هو :
الأرق ، وقد سهد جميل ، والسهد القليل من النوم .
أما قيس فقد فتنه الحب ..وأذهب صوابه .
”ولما تلاقينا على سفح رامة
وجدتُ بنان العامرية أحمرا
فقلت خضبت الكف بعد فراقنا
فقالت معاذ الله ذلك ما جرى
ولكنني لما رأيتك راحلاً
بكيت دماً حتى بللت به الثرى
مسحت بأطراف البنان مدامعي
فصار خضاباً بالأكف كما ترى”
والمفتون هو من فتنه جمالُها : أعجبه ، استهواه أدهشه وأذهب عقله وسحره . وآه من ليلى وليلها.
ومن منا لم تبكيه يتيمة ابن زريق ..عندما ودع بها زوجته…
أستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَر
اًبِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ
وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي
صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ
وكم تشفّعَ بي أن لا أُفَـارِقَهُ
وللضروراتِ حالٌ لا تُشفّعُهُ
عَسى اللَيالي الَّتي أَضنَت بِفُرقَتَنا
جِسمي سَتَجمَعُنِي يَوماً وَتَجمَعُهُ
وَإِن تُغِلُّ أَحَدَاً مِنّا مَنيَّتَهُ
لا بُدّ في غَدِه الثّاني سَيَتْبَعَهُ
وإن يدم أبداً هذا الفراق لنا
فَما الَّذي بِقَضاءِ اللَهِ يَصنَعُهُ؟
وهذا هو الوجد في الحب أي الشغف والرقة ، ويارب في سرر متقابلين بعد أن بكت قلوبهم بكاء العالمين .
لنذهب للأنهار والأشجار واليل والسمار.. ليالي الأندلس وزمان الوصل فيها …
تقول ولادة بنت المستكفي في ابن زيدون:
أغار عليك من نفسي ومني
ومنك ومن زمانك والمكانِ
ولو أني خبأتك في عيوني
إلى يوم القيامة ما كفاني
والغيرة هي مشاعر من الخوف من الفقدان والغضب والإذلال، تحدث نتيجةً للشعور بتهديد حقيقي أو وهمي ..
ولأن الحب فراق … يكتب لها ابن زيدون :
نَكَادُ حِينَ تُنَاجِيكُمْ ضَمَائِرُنَا
يَقْضِي عَلَيْنَا الأَسَى لَوْلاَ تَأَسِّينَا
حَالَتْ لِبُعْدِكُمُ أَيَّامُنَا فَغَدَتْ
سُوْدًا وَكَانَتْ بِكُمْ بِيضًا لَيَالِينَا
بِالأَمْسِ كُنَّا وَمَا يُخْشَى تَفَرُّقُنَا
وَاليَوْمَ نَحْنُ وَمَا يُرْجَى تَلَاقِينَا
أما إن أصاب الحب حرقة في قلبك فأنت لاعج ، وما أكثر اللواعج… من الدواعج.
وما بين ..
المحبة و الهوى و الصبابة و الشغف و الوجد والكلف والتتيم والعشق و الجوى و الشجو والشوق و البلابل و التباريح و السدم و الغمرات والوهل و الشجن والوصب و الكمد و اللذع والحرق السهد والأرق واللهف و الحنين والاستكانة و التبالة و اللوعة والفتون و الجنون واللمم و الرسيس و الود و الغرام والهيام والتدلية و الوله و التعبد والخروف .
عاش العرب قصص العشق والعشاق والشوق والأشواق بحروف اللغة العربية ومعانيها… حتى اليوم …
يقول جاسم الصحيح :
كُل النساء أحاديثٌ بلا سندٍ
وأنتِ أنتِ .. حديثٌ لابن عباسِ
أميلُ نحوَكِ والتنصيصُ يجذِبُني
حتى أَشُدَّ على التنصيصِ أقواسي
ونغفر لشاعرنا مشاعرنا وقد قطع عنا أسانيد الحب :
قد تأتينا بالأسانيد حمام هزبر …
كم مرةٍ حاولتُ نفيَكَ من دمي
فخشيتُ أَنكَ قد تعود لتثأَرا
قد أخبرَتْني في العراق حمامةٌ :
مَنْ يمضِ منفياً يعدْ مستعمرا
ليأتينا الحب مقسوم ومجموع ومطروح والنتيجة أن الجواب أمتنع، فوقع على النهام بالولع
لستُ أدري هذه الدنيا وجعْ
طارَ حلمي في سماها فوقعْ
كلما راودته عن فرحةٍ
فرَّ مني وتنآءى وامتنعْ
بتُّ أدري غير أنّي حائرٌ
من أتى بالضربِ فيها أو جمعْ
قسمتي حزنٌ وغيري ضاحكٌ
وفؤادي يصطلي نارَ الولعْ
أجمعُ الأحزانَ من كفِّ الهوى
وهْي ترميني بسهمٍ من دلعْ
والولع هو التعليق الشديد .
ولأن الولع قد يخلق معه الكبرياء الجميل يكتب محمد ابراهيم يعقوب
أنا لن أخون تماسكي
هوِّن عليك
ولن أجازف باحتمالٍ مُهملِ
ما جئتُ أسأل كيف حالكَ
لا تخفْ.
فالحال أصعب من حديثٍ مُجملِ
أنا غالبًا أنساكَ
في السهو الخفيف
ولا أخاف من الحنين الأولِ
لكنّ بي
حمّى سؤال واحدٍ:
هل كنتَ مثلي في الغياب تحنُّ لي؟
وعندما يكسر الغياب القلوب جأتنا الشاعرة رسل راكان بالجواب .
إِنْ جئت مكسورا فضمُّك واجبٌ
أنا في هواك أخالفُ الإعرابَ
وليس كل النساء كمثلها يقول الشاعر ياسر الشطيطاوي :
وبكحلها سرٍ كما لو انها
للتو كانت في عزاءٍ باكية
تشعرك بالدفء الكمين بعينها
وتذيب قبحك في النوايا الصافية
بقوام عارضةٍ ومشيت ناسكٍ
وعفاف قسيسٍ وخفة جارية
وهدوء ليلٍ وإنتظام مجرةً
وحنان والدةٍ وسطوة مافية
من غير جُرح بالحديثٍ تبسمت
وبِكُل ماتعني العِبارة راقية
قالت بهمسِ : لستَ الا شاعراً
أذهب وشعِرُك للهلاكِ بهاوية
*والآن أيها العاشق الهاوي عندما تحب كيف ستقول أحبك بثمانية وثلاثون طريقة ومعنى للجمال أو ستكتب
I love you..!!!
أم أنت من الغابرين المؤمنين بالرقم ٣٩ في الحب ، والحب في الجب!! والسلام عليكم دار قوم محرومين..
ختاماً إن عشقت لا تقسم بالوداع، و عبدالخالق الزهراني لكم عبرة :
”أقسمتُ باللهِ إنّي لا أكلّمها
لأنّها لا تفي بالعهدِ والذممِ
وإنْ أتتْ تدّعي حبّاً سأهجرها
ولنْ أبالي بما ألقاهُ من ألمي
فما لبثتُ سوى يومٍ وليلتِه
ورحتُ اسألُ عن كفّارةِ القسمِ