الرأي , سواليف
منح الجنسية قضية من لا قضية له
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
ما إن تم الإعلان عن عزم المملكة على منح الجنسية السعودية للمبدعين والمبتكرين والموهوبين ، حتى امتلأت مواقع التواصل الإجتماعي بالتعليقات السطحية ، والتي تشير إلى أن من يقودها أو يشارك فيها لا يفهم ماذا يُقصَد بالموهوبين أو المبتكرين أو المبدعين . ومع احترامي لأصحاب الحسابات “الحقيقية” ممن شاركوا بآرائهم حول هذا القرار ، إلا أنني استغربت من سهولة استدراجهم للخوض في هذه القضية السيادية .
وقد تخيلت وأنا أتابع تلك التعليقات أن السعوديين جميعاً أصبحوا من المبدعين والموهوبين والمبتكرين ، وأن القادمين الجدد سوف يأخذون وظائفهم وحقوقهم ومميزاتهم ولن يبقى للسعودي أي شيء آخر . أدعوكم ، ومن خلال هذا المقال ، إلى أن تبلغوا الجهات المعنية عن أي مبدع لم يجد له مكاناً لدى الدولة ، أو عن أي مبتكر تجاهلت الجهات المعنية ابتكاره ، وعن أي موهوب تائه لا يعرف من يأخذ بيده . فالدولة بحاجة لكل هؤلاء وتبحث عنهم وتتولى رعايتهم ؛ لأنهم هم عمادها ، وأمل مستقبلها .
النخبة من العلماء والأطباء والموهوبين هم من ستمنحهم الدولة جنسيتها ، وليس كما يتصور البعض أن الجنسية ستُمنَح للأجانب دون معايير علمية دقيقة . والمملكة ليست استثناء فأي دولة في العالم تبحث عن كفاءات ، لا عن أعداد تضاف للتعداد السكاني خاصة أن التنمية الحالية تسير بسرعة الصاروخ لتحقيق رؤية 2030 ، وهي بحاجة لكل عالم أو مبدع أو موهوب يمكنه المساهمة في تحقيقها في كافة المجالات والتخصصات بما فيها الرياضة والفنون ، وإذا كنا ننظر للدول المتقدمة كقدوة حسنة في التطور ، فإن علينا أن نتذكر أن تلك الدول نجحت في ذلك من خلال استقطاب تلك الكفاءات من مختلف دول العالم ، بمن فيها الدول الأوروبية . حيث انصهر أولئك العلماء والمبدعون في مجتمعاتهم الجديدة دون أن يتحسس أحداً من أهل البلد الأصليين .
وإذا نظرنا للولايات المتحدة الأمريكية ، باعتبارها أكبر بلد تسجل له براءات اختراع طبية وعلمية منذ سنوات طويلة ، فسنجد أن غالبية أولئك العلماء قدموا لها من شرق آسيا (الهند .. الصين) ، ومن أوروبا سواء الغربية منها أو الشرقية ، وكذلك من الشرق الأوسط (مصر ولبنان) ، ومن شمال افريقيا وجنوبها .. حيث منحتهم جنسيتها ليصبحوا علماء أمريكيين .. وإذا كان ذلك هو حال تلك الدول المتقدمة جدا ، فما الذي يمنعنا من أن نحذو حذوهم؟!. دعونا ننظر للأمر بعقلية من يبحث عن ارتقاء وطنه لمصاف الدول الكبرى ، لا بعقلية المحبطين والمحرضين والسطحيين . ولكم تحياتي.