خطاب الملك .. نماء وسلام وقوة
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
الخطاب السامي الذي افتتح به الملك سلمان بن عبدالعزيز، السنة الرابعة من الدورة السابعة لمجلس الشورى الأربعاء الماضي، فيه كثير من المضامين التي ينبغي لكتاب الرأي والمختصين في التحليل المعمق لخطابات الزعماء، التوقف عندها بعد قراءة متأنية. ومع أنه لا يمكن استعراض جميع جوانب الخطاب في مقال مختصر، فإنه يمكن تقسيم ما ورد في الخطاب الملكي إلى ثلاث رسائل، واحدة منها للداخل، ورسالتان للخارج الذي يشمل النطاقين الإقليمي والدولي أيضا.
وتتحدث رسالة الداخل عن التنمية التي تعيشها بلادنا، والوعد بمواصلة توفير عناصر استمرارها، بل زيادتها، وتبدأ بالتأكيد على النهج الذي سارت عليه البلاد منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن “رحمه الله”، القائم على تطبيق الشريعة الإسلامية والتضامن والشورى والعدل واستقلال القرار والحفاظ على الأمن ومواصلة مسيرة التنمية. ثم يستعرض الخطاب الإنجازات التي حققت في مجال التنمية خلال العقود الماضية، مع الإشارة إلى أن هناك مزيدا من الإنجازات التي ستحقق من خلال “رؤية 2030″، التي تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي واستدامته في المجالات كافة، وتنمية قطاعات اقتصادية جديدة. ويمضي الخطاب في التطرق إلى إشارات مهمة تدعم رسالة النماء للداخل، وهي التركيز على رفع مستوى جودة التعليم لأبناء وبنات الوطن، وزيادة برامج التدريب والتأهيل، وتوفير فرص العمل للحاضر والمستقبل، والارتقاء بالخدمات الطبية والقضائية، واستمرار اللقاءات بالمواطنين، والاستماع إليهم مباشرة ومتابعة احتياجاتهم، وهذا الأسلوب في اللقاءات بين الملك والمواطنين له أثر كبير في تعزيز مسيرة التنمية الشاملة في مختلف المناطق. ويظل الخطاب الموجه إلى الداخل في ترسيخ اعتزاز هذه البلاد بخدمة الحرمين الشريفين وضيوفها، حيث أكدت “رؤية 2030” إتاحة الفرصة لعدد أكبر من الحجاج والمعتمرين وتأمين الوسائل لجعل أدائهم هذه المشاعر سهلا وميسرا.
وينتقل الخطاب بعد ذلك إلى النطاق الإقليمي، فيؤكد أن مكانة المملكة في العالمين العربي والإسلامي، وموقفها الراسخ من دعم مسيرة العمل العربي والإسلامي المشترك، سيظل مرتكزا أساسيا في سياساتها الخارجية، لذا استضافت عددا من القمم الخليجية والعربية والإسلامية خلال العام الماضي. وركزت القمة العربية، التي أطلق عليها الملك سلمان شخصيا “قمة القدس” على أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين الأولى.
واستعرض الخطاب في فصل توثيقي من فصوله، ما تعرضت له بلادنا من اعتداءات، لكن ذلك لم يؤثر في مسيرة التنمية وفي حياة المواطنين والمقيمين فيها، والفضل في ذلك لله ثم لمنسوبي القطاعات العسكرية والأمنية، الذين يسهرون على أمن هذا الوطن. وهنا جاءت الإشارة إلى رفع الجاهزية العسكرية في العام المنصرم، والتوسع في برنامج توطين الصناعات العسكرية، وهذا جانب مهم جدا.
أخيرا، ما زال في الخطاب كثير من المضامين المهمة، لذا أدعو الزملاء الكتاب – كما قلت سابقا – إلى استعراضها بشكل مفصل. ويمكن لي أن ألخص ما جاء في الخطاب في ثلاث رسائل، هي رسالة نماء للداخل، ورسالة سلام للأشقاء والأصدقاء، ورسالة قوة لمن يعتدي على بلادنا بأننا قادرون على أن ندافع بكل حزم وعزم. وقد وجد الخطاب اهتماما من وسائل الإعلام العربية والعالمية حتى تلك الوسائل التي عرفت بتناول المواقف السعودية بالسلبية لم تستطع تجاهل أهمية هذا الخطاب الشامل لشرح سياسات بلد له ثقله على المستويين الإقليمي والدولي.
نقلا عن “الاقتصادية”