الرأي , سواليف
شارع عبدالله الربيعة
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
هناك مواقف تبهرك ، تشعرك بالفخر ، تمنحك الثقة بأبناء بلدك ، تتمنى لو كنت بجانبهم عندما يحققون إنجازاتهم . تشعر بأنهم لا يأخذون حقهم ، لا يصفق لهم إلا القلة القليلة من الناس . إنهم ليسوا ممثلين على خشبات المسارح ، ولا لاعبين يمثلون أنديتهم أمام عشرات الآلاف من المشجعين والمتابعين على وسائل التواصل الإجتماعي . إنما هم مبدعون ، يسخرون علمهم ، يترجمون إنسانيتهم ، يرفعون صيت بلادهم خلف الكواليس ، حيث غرف العمليات ، بين المشارط وأجهزة الإنعاش . لا يبحثون عن الأضواء ، فلديهم رسالة واحدة خالدة ، وفي ذاكرتهم ” قسم ” بالله بأن يراقبوا الله في أعمالهم ويحافظوا على حياة مرضاهم ، لا يهمهم كم ريالا سيتاقضون ، ولا كم قناة تلفزيونية ستنقل إنجازهم .
كانت لحظة مؤثرة للفريق الطبي الذي أجرى عملية فصل التوأمين بقيادة ” الإنسان ” عبدالله الربيعة وهم يرافقون التوأمين بعد نجاح عملية فصلهما . وقف د . الربيعة لمدة 3 دقائق ” فقط ” وهو يبشر والدهما بأن كل شيء تم على ما يرام . لم يلتفت للكاميرات ، لم يستعرض ، ابتسم بهدوء وثقة البطل ، لم ينس فريقه الطبي في تلك الدقائق الثلاث ، وترك المكان لتنقل وسائل الإعلام فرحة الأب وغصة حلقه التي صعبت عليه التعبير بعد أن شاهد ولأول مرة في حياته طفليه محمد وأحمد وكل منهما على حدة . بعد عملية معقدة استغرقت 13 ساعة متواصلة ، شارك فيها 35 متخصصا من الأطباء والجراحين والفنيين وكادر التمريض .
دقائق قضاها الأب متأثرا ، باكيا ، ذارفا دموع الفرح ، والأمل يدغدغ مشاعره بغد أجمل له ولأسرته ولهذين الطفلين، شاكرا لله سبحانه وتعالى ثم قائد هذه البلاد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي أمر بفصل التوأمين الليبيين على حساب المملكة العربية السعودية .
لقد وفرت الدولة – أعزها الله – كافة الإمكانات التي تتطلبها مثل هذه العمليات الصعبة والمعقدة ، بدءا من الإنسان السعودي كالدكتور الربيعة وفريقه الطبي ، وانتهاء بالبنية التحتية من مستشفيات متخصصة وأجهزة حديثة وإمكانات غير محدودة ، جعلتها مملكة للإنسانية ورائدة في جراحة فصل التوائم ، بعيدا عن الحسابات السياسية . فالدولة أعزها الله أجرت قبل هذه العملية 47 عملية فصل للتوائم من مختلف دول العالم ، ومن بين تلك الدول من تجاهر بعدائها للمملكة في كل المحافل والمناسبات .
أقدر وأحترم جدا ما توليه حكومتنا الرشيدة بقيادتها الحكيمة من رعاية واهتمام وتكريم للمبدعين من أبناء الوطن . الأمر الذي لا يترك مجالا لي أو لغيري بالمزايدة في هذا الشأن . ومع ذلك كم أتمنى لو يطلق اسم الدكتور عبدالله الربيعة على أحد الشوارع الرئيسية في مسقط رأسه ، أو أن تتبنى إحدى الجامعات السعودية التي لديها كلية للطب تسمية إحدى قاعاتها باسمه ؛ تكريما له ونيابة عن كل السعوديين لهذا الطبيب الإنسان . ولكم تحياتي.