السعودية في ميدان السباق العالمي
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
كنت سأضع عنوانا آخر لهذا المقال وهو “دافوس الصحراء تسبق الجميع”، حيث تخيلت هذه المبادرة الجامحة فرسا شارك في سباق عالمي وأتى من الصفوف الأخيرة ليسبق الجميع. لكنني وجدت أن السعودية كدولة حديثة تتغير بسرعة هي التي دخلت السباق العالمي في جميع المجالات. خاصة في المجالين الاقتصادي والاستثماري حيث تملك فيهما بلادنا مقومات كثيرة وإمكانات كبيرة. ولم يكن يحد من انطلاقتها غير أنظمتها التي كانت تأخذ بالحد الأعلى من الحذر حتى لو أدى ذلك إلى ضياع الفرص وترك مساحة التحرك لدول أخرى أقل منها مكانة وإمكانات.
وتذكرت مثالا بسيطا وهو صعوبة منح التأشيرات وكيف كنا نذهب إلى دول الجوار للاجتماع بشركائنا في الأعمال الذين لم نستطع الحصول لهم على تأشيرة دخول بالسرعة المطلوبة. ولذا فضلت الشركات الكبرى والمهمة وضع مكاتبها في بعض دول الجوار والتعامل معنا بطريقة “تاجر الشنطة” الذي لا تستفيد منه بلادنا وظيفة لشاب أو إيجار مكتب أو مسكن. وكانت التأشيرات وصعوبة إجراءات تأسيس الأعمال من أهم عقبات جذب الاستثمارات المهمة لبلادنا. وأقول المهمة أي التي توفر فرص العمل وتجلب التقنية والمعرفة. وليست تلك التي انهالت علينا في المرحلة الثانية من تأسيس الهيئة العامة للاستثمار والكل يتذكر نوعية تلك الاستثمارات. وكي لا أطيل الحديث عن الماضي أعود إلى الحاضر، حيث حققت بلادنا قفزة في المؤشرات لعالمية الخاصة ببدء النشاط التجاري والتجارة عبر الحدود وحماية أقلية المستثمرين وأيضا في جانب مهم حسب التنافسية العالمية لعام 2019 أصبحت في المرتبة الـ16 متقدمة ثمانية مراكز دولية في مؤشر الاستقلال القضائي. كما احتلت المرتبة الثالثة بين دول مجموعة العشرين في محور الحوكمة التقنية متقدمة على بريطانيا والصين، وبالنسبة لمبادرة مستقبل الاستثمار التي انطلقت قبل ثلاثة أعوام وأصبحت في هذه الفترة الوجيزة منصة ابتكار عالمية فقد ازداد عدد الحضور لنسخة هذا العام ليبلغ ستة آلاف مشارك وتحدث خلال أيام المنتدى أواخر الأسبوع الماضي أكثر من 300 متحدث محلي وعالمي في مختلف المجالات والتخصصات ولوحظت زيادة عدد المشاركين الأجانب هذا العام ومن دول لم تشارك في العامين الماضيين مثل البرازيل والهند. حتى الحضور السياسي كان لافتا من قبل زعماء عدد من الدول.
وأخيرا: أصبحت السعودية مصدرا للمبادرات الحديثة ليس على مستوى المنطقة فقط وإنما على مستوى العالم ويتسابق صناع القرار في دول الشرق والغرب للكشف عن واقع بلدانهم الاقتصادي ورغبتهم في تكوين شراكات استثمارية عبر الفرص الواعدة مستقبلا والتغلب على الصعوبات والتحديات متحدثين عن ذلك بلغة واحدة لا تعترف بالخلافات السياسية التي عطلت تنمية بلدانهم خلال العقود الماضية.
وكما أشار ياسر الرميان محافظ صندوق الاستثمارات العامة إلى “أن المبادرة هذا العام شارك فيها أفضل العقول من العالم وأفضل رواد الأعمال المستثمرين وأن الركيزة الأولى لهذا المؤتمر هي المستقبل المستدام والركيزة الثانية هي التقنية أما الثالثة فهي تطوير المجتمعات”.
نقلا عن (الاقتصادية)