الرأي , سواليف
ضريبة المرافقين “هزت” السوق
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
قبل الدخول مباشرة في صلب موضوع هذا المقال حول الضريبة التي تم فرضها على مرافقي الوافدين ، أود أن أطرح سؤالين مهمين : الأول .. هل نحن دولة قادرة على الإستغناء الكلي عن العمالة الوافدة ونحن بلد “نام” !؟ والثاني.. هل نحن مقتنعون بأن ما نفرضه من رسوم على المرافقين وما سيحققه من دخل ، سيكون أكبر مما سيخسره الاقتصاد الوطني جراء ذلك القرار وما ينتج عنه من تحول مداخيل تلك العمالة للخارج بدلا من صرفها في الداخل !؟ . سؤالان الإجابة عليهما بسيطة جدا . فنحن لسنا في وضع يسمح لنا بالاستغناء عن العمالة الوافدة لا اليوم ولا غدا ولا بعد عشرين سنة . فالأمر متعلق بمعادلات السوق والحاجات والتنمية التي تشهدها المملكة . أما إجابة السؤال الثاني ، فبغض النظر عن الأرقام والمقارنات الحسابية بين ما سنجنيه من مداخيل وما سنخسره من تحويلات للخارج ، فإن المشهد في السوق كاف للقول إن القرار ترك آثارا كبيرة وخطيرة على قطاعات كثيرة مثل العقار وبيع التجزئة في الكماليات والمواد الغذائية ، وأن تلك النتائج التي نلمسها اليوم جرت معها نتائج أخطر على شرائح كثيرة من المواطنين ، خاصة من ذوي الدخول المتوسطة . أي شريحة الطبقة المتوسطة التي تعتبر أهم شريحة في تقييم أي اقتصاد لأي مجتمع .
ولو أخذنا الجانب العقاري ، لوجدنا أن الكثير وجزء منهم من السيدات من المتقاعدين من أعمالهم بحكم السن ، أرادوا تحسين مداخيلهم من خلال شراء أو بناء عمارة سكنية لتأجيرها للعائلات المرافقة ، إما بصرف ما جمعوه بعد تقاعدهم من مال ، أو بالحصول على قروض بنكية لمساعدتهم في تحقيق حلمهم ، ولكن ما أن تم تطبيق القرار حتى أصبحت غالبية تلك العمارات خاوية على عروشها لعدم وجود مستأجرين ، ونتيجة لذلك تحولت مشاريع الأحلام تلك إلى كوابيس ترهق الناس وتؤثر على حياتهم ، وبدلا من أن يقوم كل وافد باستئجار شقة له ولأسرته ، أصبحت الشقة كافية لإسكان خمسة أو ستة من الوافدين يسكنون معا ، حتى أصبح العرض أكبر من الطلب بمراحل كثيرة .
أما قطاع التجزئة ، فقد كان هو الآخر ضحية تلك الرسوم ، وخاصة تجارة المواد الغذائية ، وإذا كانت الشركات الكبرى المتخصصة من أكبر الخاسرين جراء خروج المرافقين مثلها مثل العقار ، فإن المستثمرين من الطبقة الوسطى في مجال بيع المواد الغذائية بالتجزئة قد تعرضوا لنكسات كبيرة جراء مغادرة المرافقين للمملكة . فالوافد الذي كان يصرف ثلاثة أرباع مرتبه في السوق المحلي ، أصبح يصرف الربع ويحول الثلاثة أرباع المتبقية لأسرته في الخارج .
ربما عرضت الجانب السلبي لقرار فرض الرسوم على المرافقين ، ولكن لا يعني ذلك أنه لا فائدة من ذلك القرار . فلو لم يكن هناك فوائد رأتها الجهات المعنية باتخاذ القرار ، لما قررت ذلك . لكننا ككتاب ننقل معاناة الناس والمشاكل التي يواجهونها جراء أي قرار تتخذه أي وزارة.
هل سيؤثر هذا المقال ، أو ما سبقه من مقالات ، أو ما سيتبعه من تحقيقات صحفية من واقع الميدان ، على قرار وزارتي العمل والإقتصاد والتخطيط بفرض الرسوم على المرافقين !؟ الإجابة ليست عند خبراء الوزارتين ومستشاريها ، بل تجدونها في كل شارع وعند عتبة كل بيت . ولكم تحياتي.