السعودية وروسيا .. الاحترام والمصالح
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
الذين يعتقدون أن علاقة السعودية وروسيا حديثة العهد لا علم لهم بالتاريخ.. فالبلدان أقاما علاقات دبلوماسية منذ بداية عام 1926 أي قبل 93 عاما حينما اعترفت حكومة اتحاد الجمهوريات السوفياتية، كما كانت تدعى آنذاك، بملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها.. وهو لقب الملك عبدالعزيز في ذلك الوقت.. وجاء في الخطاب المؤرخ في 16 /2/ 1926 “وبناء عليه تعد حكومة اتحاد الجمهوريات السوفيتية في حالة علاقات دبلوماسية طبيعية مع جلالتكم”.. وفي رد الملك عبدالعزيز على ذلك الاعتراف قال في خطاب مؤرخ في 1926/2/19 “فلتكن العلاقات بين حكومتينا مبنية على احترام استقلال البلاد المقدسة والتقاليد الدولية الأخرى التي تعترف بها جميع الدول” .. هذه الوثائق وردت ضمن إصدارات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة التي استعرضتها بمناسبة زيارة الرئيس الروسي الأسبوع الماضي.. وهكذا تظهر الوثائق التاريخية أن العلاقات السعودية – الروسية عريقة جدا وتقوم على الاحترام أولا ثم لحقت بها المصالح.. ولذا ظلت ثابتة رغم الزوابع التي تعرضت لها أثناء المد الشيوعي المتعارض مع الدين الإسلامي.. وعادت لقوتها حينما انحسر التهديد الشيوعي للأديان والحريات.. وجاءت المصالح لتعزيز العلاقات من جديد فكان التعاون السعودي – الروسي في مجال الطاقة دليلا على حرص البلدين على توازن أسعار البترول وضبط السوق البترولية العالمية.. ثم تفرع التعاون إلى مجالات أخرى أهمها الاستثمار المتبادل بين البلدين كما أعلن في ختام مباحثات الأسبوع الماضي.
ووصف الملك سلمان بن عبدالعزيز زيارة الرئيس الروسي بأنها فرصة كبيرة لتوطيد أواصر الصداقة بين البلدين.. كما أكد الرئيس الروسي أن السعودية تلعب دورا محوريا في مجموعة العشرين وأن التنسيق الروسي – السعودي مهم لتأمين الاستقرار في الشرق الأوسط ولحل المشكلات في المنطقة والعالم.
وأخيرا: لعل من المهم الإشارة إلى أن السعودية من الدول القليلة في العالم التي تحتفظ بعلاقات احترام وتعاون مع دول الشرق والغرب.. ولها السيادة الكاملة على قرارها في تصدير بترولها وتوجيه استثماراتها والاستيراد من مختلف دول العالم بما في ذلك استيراد الأسلحة.. ويكفي أن نذكر قرار الملك فيصل بوقف تصدير النفط عام 1973 وتوبيخ الملك فهد لأحد السفراء عند استغرابه لاستيراد السعودية صواريخ صينية دون علم دولته.. وفي كل يوم تعزز القيادة السعودية قوة قرارها وتنويع علاقاتها عالميا انطلاقا من مبدأ الاحترام وبناء المصالح المشتركة كما تنص على ذلك “رؤية 2030” التي تضع السعودية في الموقع اللائق بها ضمن الدول المؤثرة عالميا كما قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في أكثر من مناسبة.
نقلا عن “الاقتصادية”