“الشيشة” تنقض غزل “الصحة”
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
ظهر تصوير النساء لأول مرة في إعلانات السجائر عام 1920م كعنصر ثانوي يبدي إعجابه بالرجال المدخنين في المجتمع الأمريكي، ليعقبه الظهور الأول للمرأة كمدخنة على صفحات المجلات النسائية عام 1927م، على الرغم من ظهور الإعلانات الموجهة النساء، فإن التدخين لم يلق القبول الاجتماعي حتى الحرب العالمية الثانية، بعد ذلك نشطت شركات التبغ في استهداف النساء باستخدام موضوعات الموضة والجمال والنساء في مكان العمل، خصوصا في الجيش وربط التدخين بالأناقة والرقي والتقدم والاستقلالية والنجاح.
ثم توالت الجهود التسويقية لتخصص منتجات خاصة بالنساء، ساعدت في زيادة معدل بدء التدخين للفتيات من عمر 12 عاما.
وتوالت الحملات الترويجية في التسعينات على الرغم التحذيرات الصحية والحملات التوعوية في استهداف النساء بالسجائر منخفضة القطران والسجائر الخفيفة، للتخفيف من الآثار الصحية السلبية عبر الترويج بأنها تقلص من المخاطر الصحية بنسبة 50%، وإيهام النساء بأنها أكثر أمانا، وهو في الحقيقة احتيال على الصحة العامة.
ما حدث من تسويق وترويج للسجائر بين أوساط النساء تاريخيا هو مشابه لما يحدث الآن بعد صدور لائحة وزارة الشؤون البلدية للسماح بتقديم «الشيشة» ومنتجات التبغ داخل مواقع محددة في المدن، بعد أن تم ترحيلها سنوات عديدة خارج النطاق العمراني.
ما يحدث هو ترويج غير مباشر لمنتج يفتك سنويا بأرواح الآلاف، ويصيب مئات الآلاف بأمراض خطيرة ومزمنة عبر السماح بالتدخين والشيشة في المطاعم والفنادق،
متناسين الهدف الأعلى بالتركيز على صحة الانسان ورفاهيته ضمن رؤية السعودية 2030.
ما يحدث الآن للأسف ينسف كل الجهود المبذولة، والحملات المدفوعة للتوعية والوقاية من التدخين، ويناقض رؤية الصحة حاليا على تحويل الصحة من العلاج إلى الوقاية، ويقصر دورها على العلاج، ومضاعفة التكلفة بالملايين لمعالجة ضحايا التدخين.
أخشى أن يمهد السماح بالشيشة في المطاعم للقبول الاجتماعي بالتدخين بين أوساط المراهقين والنساء، بعد أن كان التدخين يغلب على فئة محدودة من الرجال، فغالبية مرتادي المطاعم من النساء والمراهقين.
ربما يقلل البعض من تأثير السماح بالتدخين والشيشة في المطاعم بعد تطبيق الضريبة على منتجات التبغ 100% وتأثير ذلك على الطلبات بسبب ارتفاع التكلفة، لكن ذلك لن يمنع من يملك المال أن يمارس عاداته غير الصحية، ولن يوقف محبي التجربة من صغار السن الذين سنحت لهم الفرصة والتجربة في المطاعم أو الفنادق القريبة، بعد أن كان الوصول لتلك المطاعم والمقاهي مقرونا بالبعد المكاني والعزلة.
بالإضافة إلى التلوث والمخاطر الصحية المحيطة بمرتادي المطاعم وأطفالهم، سيتحملون التكلفة المادية والضريبة المُضافة للمطعم الذي يقدم الشيشة ومنتجات التبغ، يعني بالمصري “موت وخراب ديار”.
لا أعرف حقيقية سبب الرسائل المتناقضة التي تصل للمجتمع من قبل الوزارات، ولكن المثير للاستغراب أن الصحة بدأت بتكريم المطاعم التي امتنعت عن تقديم الدخان والشيشة بشهادات شكر، وكأن لا حول لها و لا قوة في التنسيق مع الوزارات، والدفاع عن جهودها السابقة بالتوعية والمكافحة بخطر التدخين على صحة الفرد والمجتمع، وكأنها استسلمت لمن نقض غزلها، ويسعى لتقويض جهودها السابقة.
الجهود التي بذلت يجب أن تستمر وتتوافق الرؤى بين الوزارات من أجل تعزير الصحة، والمحافظة على المجتمع من الأمراض والعادات السيئة التي تدمر صحة الإنسان.