الرأي , سواليف
السعوديات والفرقة الكورية
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
ما أن وصلت الفرقة الكورية العالمية “BTS ” إلى الرياض ، حتى انتشرت مقاطع كثيرة تظهر فيها فتيات سعوديات وهن يصرخن فرحاً باستقبال الفرقة التي لم أسمع بها إلا قبل أيام . ولمن يتابع أخبار الفن والمشاهير والفرق العالمية سواء كانت رياضية أو فنية ، فإن مثل هذا الاستقبال يعتبر أمراً عادياً ولا غرابة فيه . وبحكم أنني إعلامي منذ عقود فأنا أيضا اعتبرت ما حدث طبيعياً بغض النظر إن كنت أحب وأتابع هذا الفن أو أكرهه .
لكن هناك من رأى في هذا المشهد ما يثير غضبه وانزعاجه ، فعبّر عن موقفه حول ذلك. وهذا التعبير اتفقت معه أو اختلفت يبقى حرية شخصية له ، ولن أستنكر عليه هذا التعبير. لكن هناك من استغل تلك المشاهد ليصب جام غضبه على المجتمع وعلى هيئة السياحة وعلى أولياء الأمور من الآباء والأمهات وعلى المرأة السعودية التي اختزلها في عدد قليل جداً من الفتيات اللاتي ظهرت أصواتهن وهن يرحبن بالفرقة الكورية . ومع أنني لا أبدي رأيا حول تصرف الفتيات ، إلا أنني لا أقبل اختزاله للمرأة السعودية في مقطع لا يعجبه .
أمامي عشرات الأسماء لسعوديات حققن إنجازات عالمية ، وقدمن خدمات جليلة للإنسانية من خلال إختراعات وابتكارات في الكثير من المجالات وخاصة العلمية والطبية . فلماذا لا يتحدث عن المرأة السعودية من خلال هذه الأسماء الشهيرة في معظم دول العالم ومنظماتها . ألم يسمع عن د.خولة الكريع الحاصلة على دكتوراه في سرطانات الجينات من المركز القومي الأمريكي للأبحاث والتي تحتل منصب كبيرة علماء أبحاث السرطان في مستشفى الملك فيصل التخصصي !! . ألم يمر عليه أسم الدكتورة حياة سندي التي تم اختيارها من صفوة أفضل 50 عالم من بين 2500 مرشح من أحسن مراكز أبحاث الطاقة والتكنولوجيا والذرة بترشيح من جامعة هارفارد الشهيرة جداً !؟ . ألم يقرأ عن د.غادة المطيري التي حصلت على أرفع جائزة للإبداع العلمي في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تمنح لأفضل مشروع بحثي وذلك عن اختراعها لتقنية جديدة تمكن من إجراء عمليات طبية داخل جسم الإنسان عبر الضوء ودون الحاجة إلى عمل جراحي حيث تمكنت من تطوير جهاز جديد يستطيع حمل الدواء إلى النقطة المصابة بالإلتهاب داخل جسم الإنسان حيث يخترق الجسم دون أي عملية !؟ . وهل قرأعن شجاعة د. سامية العمودي والتي تم اختيارها كأول إمرأة خليجية في عضوية مجلس إدارة الإتحاد الدولي لمكافحة مرض السرطان !! . ألم ينتبه إلى إسم الدكتورة إلهام أبو الجدايل ذات الأربعين عاماً والتي اكتشفت طريقة لاستنساخ الأجنة للغرض العلاجي باستنباط ما يعرف بالخلايا الجذعية من خلايا أشخاص بالغين من دون الوقوع في الورطة الأخلاقية التي تحيط باستنساخ الأجنة لنفس الغرض !!.
القائمة تطول بأسماء فتيات وسيدات سعوديات حققن إنجازات كبرى “علمية وطبية ودبلوماسية وأدبية وثقافية ورياضية وقيادية وإدارة الأعمال وغيرها ” . ولهذا فمن الظلم أن تختزل المرأة السعودية في مجموعة فتيات أردن التعبير عن إعجابهن بهذا النوع من الفن ، سواء اتفقنا أو اختلفنا حول ذلك .
نحن جزء من هذا العالم ، وفي ذروة التواصل الإجتماعي وتحول هذا العالم الواسع إلى قرية صغيرة ، بات من الطبيعي أن يتأثر مجتمعنا بما يحدث فيه كما هو حال أي مجتمع آخر مهما كانت صلابته .
باختصار … عندما تفيض الأنهار بالمياه ، فإن الحل ليس بالوقوف أمام جبروتها ، بل بتحصين بيوتنا من الداخل بما نعتقد أنه سيحمينا . ولكم تحياتي.