الرأي , هواجيس
SMS
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
في البداية أتقدم باعتذاري الشديد للغتنا العربية الأصيلة على استخدام عنوان أجنبي في مقالي.. كما استميحكم العذر أيضاً في ذلك.. فأنا شديد الاعتزاز بلغتي ومفرداتها وجمالها وبيانها وبديعها وسجعها.. تلك مقدمة لابد منها.
ربما نحن شعب جُبل على الخجل من التصريح بمشاعرنا. فأصبحنا نكتب رسائل نصية اسميتها مجازًا (SMS) بغض النظر عن المنصة المستخدمة لتلك الرسالة.. نكتب لهفتنا وأشواقنا .. ولكن ينعقد اللسان في المواجهة عن النطق بها.. حتى الإعتذار نجده أخف وطأة على النفس حينما نكتبه في رسالة نصية على أن نصرح به لمن يستحقه..
الرسالة النصية مجرد حروف مترابطة وكأنها سلسلة صنمية لاحول لها ولا قوة.. خالية من المشاعر والإحساس.. هل خوف من التصريح بتلك المشاعر وجعل الطرف الثاني يتعرف على لغة الجسد حينما نعتذر أو نعبر عن شوق ولهفة؟.. هل تلك الرسائل مشاعر مزيفة لا نستطيع تمثيلها على أرض الواقع؟..
لدينا في أجسادنا وسائل تعبير وإقناع للطرف الآخر أقوى بكثير من تلك الرسائل الميتة.. فالعناق بين الزوجين تعبير لا تستطيع رسالة نصية وصفه.. والإعتذار بين المحبين له تعابير جسدية لاحصر لها كفيلة بزراعة بستان من الورد في النفس ورضا في الروح وارتياح في القلب..
أصبحنا نتداول مقاطع لأشخاص يتمتعون بحياتهم في عناقهم مع من يحبون كنوع من الإعتذار العميق للروح.. ومقاطع تبين رومانسية الزوج لزوجته.. ومقاطع تبين محبة الصديق لصديقه.. ولكننا لا نقلدهم فيها.. ربما الخجل يمنعنا.. ولكننا لا نأتي فعلاً محرماً.
حتى مفردات الحوار أصبحت أجنبية بغيضة.. على سبيل المثال love كلمة واحدة تقابلها 20 مفردة عربية لكل واحدة معنى ومكان وسمو.. هل هو جهل بلغتنا؟ ربما!! ، وصف الشوق له في لغتنا مفردات وتشبيهات لا توجد في لغات كثيرة.. لماذا تركنا بستان الورد لنقطف ما نشاء من ورد لمن نحب واكتفينا بمزهرية تحتوي على وردة واحدة فقط؟
حتى الغزل .. أصبحنا نرسله على هيئة أبيات شعر .. ومعظم الشعر الدارج أصبحت كلمة ( لعن) جزء من رومانسية الغزل .. وكذلك يكتبون ما يصف غريزة أكثر مما يصف إحساس .. يقول امرؤ القيس:
تُضيءُ الظلامَ بِالعِشاءِ كأنّها
مَنارةُ مُمْسَى راهبٍ مُتَـبَـتِّـلِ
وكتب أيضاً
وَمَا ذَرَفَتْ عَيْنَاكِ إلاَّ لِتَضْرِبِي
بسَهْمَيْكِ فِي أعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّلِ