الرأي
نحن فعلنا ونحن صدقنا
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
يتناقل الناس منذ يومين عبر أجهزتهم اليدوية ببرامجها المختلفة صوراً ترحيبية بالعالم بعد بدء التأشيرة السياحية ، ويتناقلون أيضاً مقطعاً لم يمض علية بضعة أعوام يتحدث فيه الممثل أسعد الزهراني الذي يقوم بدور السائق لزائرة مفترضة لبلادنا وتطلب أن تذهب إلى السينما أو بعض المواقع الأثرية أو أحد المسارح أو إلى مكان تستمع فيه إلى الموسيقى فيأتيها الجواب الساخر ( ماعندنا شي من ذا الدجة ! وين أنتي بوه) سنوات قليلة جداً تفصل بيننا وبين ذاك الحال حيث لم يكن لدينا شيئاً مما ذكر سنوات قليلة جداً وأصبح لدينا كل شيء ؛ وليست الفكرة هنا حول تسارع الأحداث في افتتاح السينما وإقامة الحفلات الموسيقية والغنائية من مختلف جهات العالم ، ولكن الفكرة في سرعة الاستجابة الاجتماعية لهذا التحول حتى توارت الأصوات التي تقول ما قاله الممثل ( ما عندنا ذا الدجه ) تواروا خلف رسائل واتساب جبانة بلا اسم ولا هوية من داخل البلاد أو خارجه ممن يتربصون بنا شراً ، ولم يكن ذلك التحول مستنكراً بالنسبة لي ولكثيرين غيري ممن رأوا منذ زمن بأن المجتمع جاهز لتقبل التغيير ولكنه كان بانتظار القرار الذي يقدم التغيير على طبق من ذهب لا على سيل من الدماء كما كان الأعداء يتمنون ويتوهمون أنه باستطاعتهم تأجيج المجتمع لينالوا حقهم في الترفيه أو غيره من الحقوق الاجتماعية التي كانت تجثم الحاجة إليها مع منعها على الصدور والعقول .
جاء التغيير بيد فارس التغيير وابن المجتمع الذي يعرف تماماً ماذا يريد الناس وماذا يريد هو لهم ؛ ولي العهد ابن سلمان الملك المثقف الذي يعزم فيحسم والذي يدرك بأننا إن لم نقلب الصفحة فإن الكتاب سيطبق علينا ولهذا كان تقليب الصفحات أسرع بكثير من المتوقع ولم يكن تقليباً عشوائياً بل هو تقليب مدروس يحسب فيه حساب كل التفاصيل التي شاهدناها وعشناها مع كل حدث تتضافر الجهود لإنجاحه بدءاً من التخطيط له وحتى البدء في تنفيذه مهما كان ذلك الحدث ، فكما خطط لإنجاح بدء قيادة المرأة للسيارة والعمل على تنفيذه من خلال توفير كل الطاقات اللازمة لافتتاح مدارس القيادة حتى بدأت القيادة فعلياً وتمت بيسر وسهولة وترحيب اجتماعي عام باستثناء قلة قليلة تحاول اجترار الماضي بالعبارات نفسها والأسلوب نفسه الترهيب ثم الترهيب ولكن دون جلجلة كما كانوا يفعلون في السابق فقد كذبتهم الوقائع وخفتت أصواتهم . كذلك كان الحال أيضاً مع أهم الأحداث الاجتماعية حين أسقطت الولاية المفتراة على الأسرة السعودية ذلك القيد الذي أهدرت بسببه حقوق وتبعثرت أحلام ثم جاء القانون ليعطي كل ذي حق حقه ويحتمل كل راع مسؤوليته فلا يتهرب منها ولا يسيء التعامل معها وذلك في تفاصيل كثيرة لا مجال لذكرها ، وكذلك هو الحال مع حفلة غنائية هنا أو هناك ، أو دار للسينما هنا أو هناك ، فلم يكن الإنسان السعودي في يوم ما بمعزل عن العالم بل هو من كان يحيي أنشطة العالم بحضوره في الدول القريبة والبعيدة وعندما بدأت نشاطات هيئة الترفيه تتكاثر وتتنوع لإرضاء كافة الرغبات في كل المناطق رأينا كيف تركت تلك الأجواء المعطرة بالموسيقى أثرها على الناس وكيف أتاحت لهم فرصة الاسترخاء الاستمتاع وهم في بلادهم وبين أهلهم بعد صولة غضب الحرمان والخوف في نفوسهم من إغضاب الآخرين الذين كانوا يراقبون حتى أنفاسهم، رأينا التغيير وعشناه ورأينا ماترتب عليه وعشناه وسنعيشه وتعيشه الأجيال اللاحقة .
من يصدق أن كل تلك القفزات حدثت خلال عام ونصف تقريباً وهي نفسها التي ظلت مصدر إكراه وضغط اجتماعي ونفسي امتد لثلاثة عقود ! من يصدق أن هذه القفزات تمت بسلام وحب وتقبل وفرح ظهر واضحاً وجلياً في احتفالاتنا الأخيرة باليوم الوطني . نحن فعلنا ونحن صدقنا وقطعنا الطريق على كل متربص . دمت وطني في سلام وأمان وفرح