مشروعنا الإعلامي
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
حين يستعرض الإنسان المنصف حجم الأعمال والمشروعات والخدمات الإنسانية التي تقدمها المملكة العربية السعودية في جميع أرجاء العالم بمعايير إنسانية لا تؤثر فيها العوامل السياسية، حين يفعل ذلك ويبحث في الفضاء العالمي عن تقارير موضوعية مهنية إنسانية تتحدث عن هذا الموضوع – فسيجد أن هذا غير موجود.
المملكة لا تقدم خدماتها الإنسانية لأهداف إعلامية، ولكن من المهم أن يتعرف العالم على هذا النشاط الإنساني، على الأقل قد يقلل من تأثير الأخبار السياسية المزعجة، كما أن من حق المملكة أن تتصدى للحملات الإعلامية ضدها، وهي حملات تعتمد على الأكاذيب، والإشاعات، وتزييف الحقائق، هدفها الرئيس هو تشويه سمعة المملكة.
هذا الموضوع تطرق إليه الكُتاب في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي؛ بحثًا عن إعلام خارجي قوي، يواكب التطوير الذي تمر به المملكة في شتى المجالات. لن نبالغ إذا قلنا إن ما يحدث في المملكة هو ثورة علمية وإدارية واجتماعية وثقافية تحققت في زمن غير مسبوق. هذه الثورة أو النهضة لم يتزامن معها مشروع إعلامي يواكب ما تحقق ويتحقق على أرض الواقع. لو أخذنا إدارة وتنظيم المملكة للحج مثالًا، وما تبذله من جهود، وما تقدمه من إمكانات وخدمات، وما تحقق من تطور في هذا المجال، وهو تطور مبهر في كل التفاصيل المتعلقة بإدارة الحشود، وما يتطلبه ذلك من إمكانات بشرية ومادية ورعاية صحية وخدمات اجتماعية ولوجيستية وأمنية. كل ذلك وفَّر بيئة إنسانية صحية آمنة، مكنت الحجاج من أداء مناسك الحج بيسر وسهولة رغم الرقم الكبير لعدد الحجاج. هذا النجاح المبهر المتكرر المتطور في إدارة وتنظيم الحج، ألا يستحق أن يصل إلى أرجاء العالم بلغات متعددة؟ ليس الهدف هنا هو المباهاة أو التفاخر أو انتظار المديح، ما تقوم به المملكة واجب وشرف ومسؤولية. الهدف هو وصول الرسالة العميقة للحج إلى الجميع، وعدم إتاحة الفرصة لمن يحاولون تسييس الحج. الهدف هو المتلقي المسلم وغير المسلم للتواصل وبناء جسور التسامح والمحبة والسلام، وتعزيز هذه الثقافة من خلال فريضة الحج المليئة بالمعاني الإنسانية الجميلة.
إدارة الحج – كما أشرنا – أحد الأمثلة، وهي مثال مهم، وقد يكون الأهم، ولكن منظومة النهضة الحديثة للمملكة كبيرة جدًا وشاملة، وتنتظر مشروعًا إعلاميًا دوليًا يخاطب العالم، ويتفق مع حجم المرحلة الحديثة التي تعيشها المملكة ومع مكانتها الدينية والسياسية والاقتصادية.
يوسف القبلان
نقلاً عن جريدة (الرياض)