الأمن الخليجي على كف قطر
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
جاء في صحيفة الرياض بتاريخ اليوم 31/8/2014م تأكيد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية بدولة الكويت، ورئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري الخليجي أن هناك روحًا ايجابية، وتوجيهات من قادة دول المجلس على مواصلة عمل المجلس واستكمال مسيرته، وتخطي العقبات وازالة الشوائب، التي تعترض مسيرته، مشيرًا الى أنه يمكن أن يعود سفراء الدول الثلاث إلى قطر في أي وقت.
ولقد سبق وأن كتبت كثيرًا عن قطر، كبلد خليجي شقيق يهمنا أمرها، وفي نفس الوقت أنها جارة يمكن أن يحدث منها الخير، ويمكن أيضا أن يتفاقم حولها الشر، لو ساءت النوايا وتعكرت الأنفس.
وفي الأيام الماضية ماج الشأن الخليجي بكثير من المؤتمرات السياسية، واللقاءات الثنائية، والثلاثية، والرباعية، ولكن اللقاءات العامة لدول مجلس التعاون كانت متوقفة منذ أن ساد الخلاف بين دول المجلس على الشأن العام، وأصبحت هنالك عدة تكتلات، وتم سحب السفير السعودي والإماراتي، والبحريني من لدن دولة قطر.
السعودية: كان وما يزال لها دور الشقيقة الكبرى، ولكن شموليتها وحرصها الزائد، قد يزيد من تمرد الأخوة، اللذين يشعرون -ولو واهمين- بأنهم يمتلكون الفكر، والحرية، والشجاعة على طرق دروب المستحيل.
الكويت: دورها اتسم منذ بداية الخلاف بالضبابية، وعدم الرغبة في التسرع، ودخول دائرة الصراع، كعضو قد تداعي له الجسد الخليجي بالسهر والحمى أثناء احتلالها من قبل الجيش الصدامي، فكأن موقفها الحالي غير متناسب في ردة الفعل.
البحرين: كانت تظن أنها صغيرة جميلة خفيفة على الخاطر، وأنها في معزل تام عن الصراعات، حتى كادت أن تدخل في آتون الربيع العربي المزعوم، فقامت دول الخليج، وبالذات الأخت الكبرى (السعودية)، بمساندتها، والوقوف معها بقوة ومحبة وحسم؛ مما جعلها بعد ذلك الظرف العصيب تعيد النظر في أولوياتها، ومواقفها، وصداقاتها، وأن تقف قلبًا وقالبًا في صف السعودية، وبكل ثقة.
الأمارات: جنة الخليج والعالم العربي، حيث أن بها من الثراء والحرية والرقي والتقدم ما يعجز؛ وكانت هي أيضًا تعتقد أنها بعيدة عن أي خطورة، حتى تبين لها عكس ذلك، خصوصًا بعد تدخلات إخوانية جعلتها تكره الحبال، وتنفخ في الزبادي، لا سيما وأن جزء من جزرها محتل بواسطة الجارة الدولة الإيرانية، وكان لا بد لها من أن تبحث وتتقصى، ثم تعرف قيمة الأخت الأكبر السعودية، فتقف معها متلاحمة بكل مشاعر وحدث وأوان.
عمان: أجبرها قدرها على أن تكون متعلقة بين النارين جغرافيًا وايدلوجيًا، والجمع بين الاختلافات النارية لا يكون في عالمنا العربي، فإما أن تكون معي أو ضدي، مما جعلها تقف لوهلة، وتعرف أنها عاجزة عن الجمع بين الضدين، وأنها في نفس الوقت لا ترغب في التخلي عن أحدهما في مقابل الآخر.
قطر: وبعد تحولها السياسي، وسحب السلطة من الحاكم الجد، بواسطة الحاكم الأب، أصبحت تعتقد أنها الأفضل ليس على مستوى العرب، ولكن على المستوى العالمي، من نواحي الفكر والسياسة والحرية والتقدم، واستمر ذلك الشعور حتى مع تسلم الحفيد مقاليد الحكم بعد ازاحة والده.
وللحيرة فأن الفكر فيها لا يتناسب مع تأجيرها جزء كبير من أراضيها وشواطئها لأمريكا، ولا للتطبيع منفردة مع الكيان الصهيوني، ولا لمحاولة قيادة العالم، عن طريق الإعلام الموجه (المؤدلج)، وتبني الثورات، والانقلابات، ودعم الجماعات التكفيرية، والتدخل بالأموال في كل حدث عالمي للظهور بشكل الدولة العظمى المسيطرة، وهذا حسب ظني، ما سيجعل محاول إعادتها للصف الخليجي مهمة صعبة جدًا، ويجعل احتمال العودة -بكسر لم يجبر بعد- وبفرص عديدة للفرقة والتوحد والتفرد، وبأسرع مما نتخيل، إلا في حالة تمكنها من التمويه، والسير على الحبال المتعددة، المتقاطعة، المتعاكسة لفترة أطول.
كلنا كشعوب خليجية نحب قطر، ولا يرضينا هذا الحال من الكر والفر، والشتات، والخلافات، وكلنا نتمنى أن يأتي اليوم، الذي يتم خلاله السير على قاعدة الأخوة والحب الصلبة، وجدولة الأولويات، المتفق عليها، بمبدأ لا ضرر ولا ضرار على جميع أعضاء المجلس، وأن يتم جمع القلوب، بعد جمع الكلمة؛ فالكلمة قد تخدع، ولكن القلب يصدق، ويستمر.
وكلنا ترقب للقادم من الأحداث.
د. شاهر النهاري