الورق المحتضر.. والذيابي جميل الذي قلب الطاولة
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
أضحى احتضار الورق كوسيلة للمؤسسات الصحافية العريقة في السعودية “حقيقة”، ولا يخجل منها العارفون بالصناعة وتطوراتها السريعة، ومن أولئك جميل الذيابي.
رئيس التحرير الأمهر في السعودية، والذي لا يحب منادته في الوسط الصحافي سوى بـ”الزميل”؛ فهو ابن البيت وشقيق الصحافيين ورهانهم الناجح في مهنة تثخن جراحهم!
مع احتضار الورق، يجدر الإشارة إلى الزميل الذيابي، فالرجل الذي عرف عنه “بث الروح في المشاريع الإعلامية الطموحة، يقدم في “عكاظ” نموذجاً مغايراً:
قلب الطاولة وراهن على المحتوى، الذي يراه رأس مال الصناعة، واهتم بالشكل كونه حاملاً لبضاعته الصحافية.
أحدث الذيابي في “عكاظ” تصوراً جديداً، فمع الحضور في كل المساحات الممكنة صحافياً، يحضر ببراعة في تلك الحقول الملغومة بالأشواك والتبعات المؤلمة، حقول عادة ما كانت تتجنبها الممارسة المحلية للصحافة، لثمنها الباهظ.
وبينما يسير وحيداً في صالة التحرير، محدقاً في هاتفه “الآيفون”، كاتباً لمقالة أو “مدسكاًة لمادة صحافية -كتبها زميل بشكل لا يروق لمدرسة الذيابي- أو منافحاً عن زميل قد يكون من خارج حدود مؤسسته وجغرافيته،
تنتابه حالة تشبه أساطير الشعراء، فالبحث عن عنوان في عقله المتخم بالكلمات والمعتاد على هندسة “الحروف”، يحتاج إلى شرارة، والشرر لا يأتي سوى العراك الداخلي. يطير سريعاً بعنوانه الذي ولد حديثاً.
لا ينتظر كثيراً لإشراقة مطبوعته في اليوم التالي، بل يمررها عبر منصات صحيفته الإلكترونية وينال من “لعنة التواصل الاجتماعي على المؤسسات الصحافية السعودية” بالحضور والتميز؛ فالغياب لا يضمده سوى الحضور!
ورغم أن الصحافيين يرون في صناعة أغلب الفنون الصحافية – على طريقة دوريش في القهوة- “لا تشرب على على عجل”، إلا أن الذيابي داهن عقارب الساعة وطار بالسبق في النشر، الذي يجبّ تفاصيله ساعة ظهوره.
فصحيفته اليوم، التي تقف على أرض صلبة في الانتشار، تمتلك موقعاً إلكترونياً هو الأول على مستوى المؤسسات الصحافية السعودية، وأحد أبرز المواقع زيارة في المملكة بحسب مؤشرات إلكترونية معتبرة.
كما ذاع اسم “عكاظ الذيابي” عربياً ودولياً بصفتها مناهضة لمشاريع الدمار والتطرف. وأخذ خطها التحريري القوي البعض من خارج البلاد إلى ربط الذيابي وصحيفته بدوائر سياسية نافذة واعتبار ما يصدر عن الصحيفة “بالضرورة صادر من تلك الدوائر” وهي تكهنات تبدو مثيرة للسخرية عند جميل ورفاقه.
خصص الذيابي صفحات إلكترونية زاخرة بالمحتوى القوي وأتقن التصميم ليتفرد عن باقي الصحف. ورغم عدم تسامحه مع “موبقات المهنة” وحرصه على مصداقية منتجه وقوته، إلا أن ذلك لم يؤخر من عجلة النشر في ماكينته الإلكترونية، فالوقت كما يراه الإنجليز “لا ينتظر أحداً”.
دونت شهادتي عن الزميل جميل الذيابي، التي لم تكن مقبولة مني إن كتبتها قبل أشهر، كوني خارج دائرة تهم “التملق والمديح الزائف” بين الرئيس وموظفه.