«جود للإسكان» بداية الخير
اليوم “جود للإسكان” من المؤسسات التي تمثل القطاع الخيري الثالث، الذي من المتوقع أن يشكل نقطة تحول في العمل الخيري المؤسسي والتنموي؛ حيث سيكون له أثر ملموس ومحسوس على أرض الواقع، ولكن هذه المرة بشكل مستدام.. وطبعا عندما يتحرك القطاع الثالث بهذه الصورة، وبدعم وتبنٍّ ورعاية من رأس الدولة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، وأيضا بمشاركة مؤسسات الدولة، فهذه بداية قوية وواعدة، وأنموذج يقتدى به لبقية مؤسسات ذلك القطاع الحالية، التي ستنشأ مستقبلا.
في السابق، دأب ذلك القطاع على أن يعمل باستحياء وبشكل لا يمثل الأثر التنموي الحقيقي، وحصر نفسه في القضايا الاستهلاكية غير المستدامة، وليس له إسهام في التنمية الشاملة كشريك استراتيجي مع القطاع العام الحكومي والقطاع الأهلي الخاص، وكانت أدوات الدعم للأسر الأكثر احتياجا محدودة في الأغذية وتسديد الفواتير وبعض الإيجارات، ولكنه لم يسهم في تقديم حلول للقضايا الرئيسة، التي أدت إلى الاحتياج، ثم يسهم في تبنيها والعمل مع الدولة لتوفيرها، بحيث يتم تحويل الأفراد والأسر من محتاجين إلى منتجين ورواد أعمال، ومن متلقين للمساعدات الوقتية والاستهلاكية إلى مبادرين وشركاء في التنمية، ومن طبقة الفقراء إلى طبقة متوسطي الدخل، وهذا أحد الحلول العملية لمكافحة الفقر.
اليوم؛ إذا أردنا قطاعا ثالثا قويا وشريكا، فلا بد من إخضاعه للحوكمة الرشيدة، وتأسيسه على أسس مؤسسية، وإتاحة الأدوات سواء إلكترونية أو إجرائية لتوسيع قاعدة الشراكة المجتمعية، كما يحدث في “منصة جود”، ناهيك عن الشفافية التي لا تقل أهمية عن الأمر السابق؛ كونها تعزز الثقة والمصداقية، فالمتبرع أو المانح أو الموقف وقفا ما يحتاج إلى أن يعرف ويطمئن إلى أن ماله ذهب لمنتج له أثر تنموي واجتماعي، ولا يمنع أن تتم دعوته لمشاهدة ذلك المنتج على الأرض، فهذا النوع من الشفافية يعزز أيضا الوضوح والشراكة والإيجابية والتفاؤل، ومن ثم جعل المانح يعيش حالة نفسية وقيمية تعزز لديه العطاء والإيثار والتكافل والإحساس بالألم والمعاناة الإنسانية والأخلاقية.
اليوم؛ لا يكفي أن تكون المؤسسات الحكومية مانحة للتراخيص ومشرفة ومسهلة للإجراءت بقدر ما يجب أن تكون شريكة في العمل والمصلحة العامة، وأن تتخلى عن الدور الأبوي التقليدي في القيام بكل الأدوار؛ لتتيح للقطاع الخيري غير الربحي والمؤسس كتأسيس القطاعين العام والخاص ليقوم بدوره كما هو معمول به في الدول المتقدمة في مجالات التعليم والصحة والأبحاث، وغيرها من الأدوار والمسؤوليات والكيانات.. ويمكن للدولة أن تدفع ذلك القطاع بقوة وبسرعة، من خلال توفير البنى التحتية له، وزيادة حصة ومساهمة الدولة في توفيرها، والمساعدة على إدارة الأمور التشغيلية لتحقيق الاستدامة لهذا القطاع المهم.
د. عبدالله الحريري
نقلاً عن (الرياض)