الإقامة الدائمة للأجانب ووزارة الإعلام
لأننا تعودنا على تلقي المعلومات ناقصة أصبحنا في حالة ريبة تجاه بعض القرارات التي لا تتفق مع رغباتنا المباشرة. في كل مرة تتبرع المملكة لأي دولة ستجد من يحتج بالأسلوب الطفولي الشهير (أليس بلدنا أولى) (أليس فقراؤنا أولى) حملات (أليس) هذه يشارك فيها الطيبون والسذج والجهلة والمغرضون المتربصون، معظم الطيبين يثقون في قرارات بلادهم ولكن حملات التشكيك تقحم الاحتياجات الشخصية لإثارة الضغينة، فإذا تبرعت الدولة مثلاً لبناء مساكن في دولة صديقة تهب الأقلام المغرضة وتربط هذا التبرع باحتياجات الناس للمساكن.
قرار منح الإقامة الدائمة للأجانب يتعارض في شكله الظاهر مع السعودة، فكثير من الناس تتعامل مع السعودة بصورة عاطفية محضة، لا يميز بعض الناس بين تمكين السعودي القادر وبين تمكين السعودي لمجرد أنه سعودي. ثمة وظائف لا يمكن أن تستغني الدول عن الخبرات الأجنبية لإدارتها فما بالك إذا حضر الأجنبي بماله وخبرته وهذا ما تهدف إليه فكرة الإقامة الدائمة. بريطانيا على سبيل المثال لا تمنح الإقامة الدائمة للأجانب الأثرياء أو الخبراء فقط بل تمنحهم الجنسية، وهذا ما تفعله كثير من الدول مثل كندا وأميركا وأسبانيا وغيرها من الدول المتقدمة. العالم في سباق على القدرات البشرية ورؤوس الأموال. تستقبل كندا سنوياً أكثر من ثلاث مئة ألف أجنبي على برنامج الإقامة الدائمة، هذا العدد الكبير ضروري لبقاء الاقتصاد الكندي عالي التنافس مع الدول الصناعية الكبرى في العالم، هذا الضخ البشري أساسي في حيوية الاقتصاد الكندي، الشيء المهم في هذا أن الشعب الكندي يدرك أهمية الهجرة لبلاده، الإنسان كما نعرف عدو ما يجهل.
وزارة الإعلام في المملكة تمر بتحولات كبيرة، بالمقارنة بينها الآن وما كانت عليه قبل عشر سنوات سنعرف أنها تخففت من كثير من الواجبات المشتتة لدورها، يفترض أن تكون وزارة الإعلام مخططاً استراتيجياً أكثر من كونها دائرة تنفيذية تنتج أفلاماً ومسلسلات.. تركت الشأن الثقافي لوزارة الثقافة وتركت عمليات تنفيذ البرامج والمسلسلات وإدارة المحطات وغير ذلك لهيئة الإعلام لم يبق أمامها سوى جوهر الإعلام فقط. الدراسات الإعلامية وبناء الحملات التي تساهم في تنفيذ خطط البلاد الاستراتيجية والدفاع عن الوطن في الخارج.
استيعاب هذه القرارات (غير الشعبية) والتعامل معها بحكمة وإيجابية يعود إلى الثقة ولا يمكن أن تبني ثقة في حال غياب المعلومة.
أثار قرار منح الإقامة الدائمة للأجانب نوعاً من الارتباك بين الناس، كان يجب أن يمهد له قبل صدوره، أن تطرح فكرته في صورة نقاشات ومقالات وأخذ ورد لفصله عن السعودة ثم كشف مزاياه وفوائده للاقتصاد السعودي.
عبدالله بن بخيت
نقلاً عن (الرياض)