من أهم 100 فيلسوف..
وفاة المفكر السوري طيب تيزيني
كانت الساعات الأخيرة من يوم الجمعة (17 مايو 2019م)، الموعد الأخير للمفكر والفيلسوف السوري، طيب تيزيني، مع العالم ومدينته حمص وبقية مدن سوريا التي أغمض عينيه إلى الأبد، وهو يراها مدمرة وأهلها ما بين القتيل والمهجّر والنازح.
وأعلنت وفاة المفكر الذي يعد من أبرز مئة فيلسوف عالمي، فجر السبت، وتسابق إلى نعيه، بعد أسرته، طيف واسع من السوريين والعرب.
ولد المفكر الراحل في محافظة حمص السورية، عام 1934، وحصل على شهادتي دكتوراه في الفلسفة، من ألمانيا، عام 1967، وعام 1973. وعمل أستاذا للفلسفة في جامعة دمشق.
عمل تيزيني على مشروع فلسفي متكامل، يبحث الفكر العربي وتجديده، وكتب في هذا السياق، أغلب مؤلفاته التي كان أشهرها، كتاب (مشروع رؤية جديدة للفكر العربي في العصر الوسيط) أول سبعينيات القرن الماضي.
ثم تتابعت أعمال المفكر الذي كان انخرط فكريا وعمليا، في الثورة السورية على النظام السوري، واشترك في أولى التظاهرات عليه، فصدر له كتاب (الفكر العربي في بواكيره وآفاقه الأولى) و(مقدمات أولية في الإسلام المحمدي الباكر) الذي صدر منه أجزاء متعددة.
وصدر له كتاب (من التراث إلى الثورة) هو بمثابة مقدمة نظرية في التراث العربي والإسلامي، وجزء من نظرته النهضوية وإعادة قراءته ومقارباته للفكر العربي. وهو أحد أهم مصنفاته.
ثم أجمل الراحل، مشروعه في الفكر العربي، في كتاب (مشروع رؤية جديدة للفكر العربي منذ بداياته حتى المرحلة المعاصرة) الذي كان أجزاء متتابعة. وكذلك كتاب (دراسات في الفكر الفلسفي في الشرق القديم)، وكتاب (من اللاهوت إلى الفلسفة العربية الوسيطة). وكتاب (على طريق الوضوح المنهجي-كتابات في الفلسفة والفكر العربي).
اختير تيزيني، نهاية تسعينيات القرن الماضي، واحداً من أهم 100 فيلسوف على مستوى العالم. وتعتبر جميع مؤلفاته، تمثل وحدة متكاملة، تقود كل منها إلى الأخرى، في إطار رؤيته للفكر العربي، ومآلاته، خاصة أنه من قراء التراث العربي الكبار الذين أفادوا من هذا المحمول، وبنوا عليه نقدياً، للخروج بنظرة في الفكر العربي، واتصل في هذا السياق، مع الفكر الغربي القارئ للشرق، فكتب فيه (من الاستشراق الغربي إلى الاستغراب المغربي).
وأصدر الراحل كتاب (بيان في النهضة والتنوير) وكتاب (حول مشكلات الثورة والثقافة في العالم الثالث).
وانخرط تيزيني، في المظاهرة الأولى التي اندلعت في مسقط رأسه، حمص، للمطالبة بالإصلاح والتغيير، عام 2011، وقال في حوار متلفز، إن إحدى شخصيات النظام السوري اتصلت به، لسؤاله، فأخبره تيزيني بوجوب قيام النظام بالسماح للناس بالتعبير عن رغبتهم بالإصلاح، ثم قام بإخبار الشخصية التي تواصلت معه، بأن هناك عدة مظاهرات ستخرج في حمص، وأن المشاركين في تلك المظاهرات من حقهم “الأمان”، ثم يبكي الراحل عندما يتذكر ما حصل بخروج تلك المظاهرات، يبكي بحرقة، ويقول: “وانتهت المظاهرات بمأساة (ميدان) ساعة حمص”.. ثم يغص ببكاء حار، ويردف: “في ميدان ساعة حمص، 1300 شاب وفتاة، قتلوا” على يد قوات أمن النظام السوري التي كانت تسعى بكل السبل لإجهاض أي تظاهرة إصلاحية مطالبة بالتغيير.