الاصطياد في مياه التحرش العكرة
بعض ارتكابات التحرش التي حدثت مؤخراً استدعت بعض التربصات والتفسيرات الخاصة بأصحابها، والبعيدة كل البعد عن التفسيرات الصحيحة لهذه الظاهرة التي لم يسلم منها أي مجتمع. شكلت هذه الحوادث للبعض فرصة ليفتي على هواه، وبحسب أجندته، محاولاً إعادة صيغ متشددة طالما أصابتنا بالتأخر، وأغلقت على المرأة منافذ الحياة والوظائف والمشاركة البنّاءة في كل مجال.
كون بعض المرضى و(المتفلتين) يرتكبون حوادث التحرش فهذا لا يعني أن نصطاد في المياه العكرة ونعود إلى الوراء كما يرغب البعض أو يتمنى. يكفي أن نطالب بتطبيق قانون التحرش على من يتجرأ على السلم الاجتماعي، ونجعله عبرة لغيره كما تفعل كل القوانين حول العالم وفي مجتمعات عربية ومسلمة مثل مجتمعنا.
من الخطأ البالغ أن يستغل البعض فرصة (رديئة) هنا أو هناك ليمارس التعميم ويضرنا في صميم انفتاحنا وحرياتنا المحسوبة، من الدولة والناس، على أساس أننا مجتمع طبيعي فينا الصالح وفينا الطالح. وأننا نُعلي من شأن القوانين الكفيلة بحفظ الحقوق والحريات الشخصية؛ طالما أنها في الإطار المرسوم والمتفق عليه بحسب هذه القوانين.
أعلم أن فينا أشخاصاً، رجالاً ونساءً، ما زالوا يعيشون في تلك المرحلة التي يُضيق فيها على الناس بدعاوى شخصية لا تعني الجميع، بقدر ما تعنيهم هم وتعني معتقداتهم المتشددة والممتنعة عن كل تغيير بسبب ذلك التصور الهزيل: «باب يجيك منه ريح سده واستريح».
ليست كل الرياح تُسد أمامها الأبواب، خاصة إذا كانت هذا الرياح طيبة ومنتجة ومؤثرة في مسار المجتمع وتقدمه وإتاحة الحياة واسعة أمام أبنائه وبناته. الريح الخبيثة، في موضوعنا هنا، هي ريح التحرش التي تُسد أمامها الأبواب بفعل تطبيق القوانين وتشريعات الدولة وليس برأي شخصي لهذا أو تلك.
محمد العصيمي
نقلاً عن (اليوم)