اعتذار.. من دون انتظار!
لا أعرف صدقًا مبرّرًا بارزًا بالنسبة لي إزاء هذا التفاعل الكبير مع حضور الشيخ عايض القرني الأخير واعتذاره عن أخطاء الصحوة، ربما لأننا لسنا في حاجته اليوم، وبالتالي لم نكن ننتظره أو حتى نحتفل به جاء أم لم يجئ..!
ولعلّني أعمّق هذا الشعور فيَّ تجنبا للدخول في نفق الشماتة، أو التشفّي، حين أكون واحدًا من ذلك الجيل الذي اقتطفت الصحوة غصن أيامه فضلا عن زهرة شبابه، أو لعلّني أحاول أن أتجنّب أخطاءهم حين كان ديدنهم الإقصاء لكل مخالفٍ لهم، لكنني حتما سأحاول قراءة هذا الاعتذار من زاوية أخرى لا تعتني بالفكر بقدر اعتنائها بالحضور، فالشيخ عايض القرني واحد من مجموعة وعّاظ اختطفهم الضوء فسكنوه حقبة من الزمن، وبالتالي يشتاقهم حين يستجيبون له كلما نادت عليهم الظلال.
لكنّ الأسئلة الأكثر إثارة بالنسبة لي مع تداعيات هذا الحضور.. هل يحاول الشيخ من خلاله البحث عن مساحة ضوئية في زمن حين تخطّاه أخذ يراوده عن تاريخه بالانقلاب على ماضيه حدّ الاعتذار عنه؟ وهل سيجد له مكانًا في زمنٍ كرّس عمره للتحذير منه وتشويهه؟ بل هل سيستطيع ملء هذا الدور إن قُدّرَ له أن يكون أحد رموز هذا الاعتدال الذي بشّر برحلته الجديدة معه؟
إنها أسئلة لا تبحث عن إجابات بقدر استقرائها لهذه الخطوة الجريئة على مستوى الحضور المقلوب لواحدٍ من مجموعة وعّاظ ذهبوا بنا آخر الأمر لانكشافهم على مجتمع كره الحياة بمحبتهم، وأحب الموت بعد تشكيكهم في جدوى حياتنا الوسطية التي كنا عليها قبل صحوتهم المعتذر عنها، وكي لا أتمادى في السير بهذا الاتجاه فألقاني في نفق التشفّي الذي تبرأتُ منه أول الأمر، أجدني منحازًا لطلب عدد كبير من المثقفين من الشيخ عايض، إصدار كتاب نوعي يحضر فيه منشئًا وموثّقا لمبررات هذا الاعتذار، مفنّدا كل تلك الأخطاء التي اعتذر عنها من حيث نشوئها أهدافها نتائجها، بل كيف نتجاوزها بعد أن تم تصديرها لجيلٍ كامل لا يزال يحياها ويتكاثر مستنكرا لهذا الاعتذار
حينما لا يراه إلا مهمّشًا؟
فاصلة:
جاء فيما رواه
السماء مزيَّنةٌ بالمصابيح، لكنّ أهل القرى لا يزالون بين سرير وآخرْ
قال جاري الذي أورق الطلحُ في رأسه
إنّ أهل القرى بعد أن آمنوا بالإله الذي
لا يحبُّ النميمة ظلوا يلوكون أخبارهم بالضمائرْ
أضاف:
يلوكون أخبارهم بالضمائر ثم إلى ربهم يُرجعونْ..!
ابراهيم أحمد الوافي
نقلاً عن (الرياض)