وزارة الإسكان.. مبادرات ومشروعات هدفها المواطن
لا يمكن إنكار أن وزارة الإسكان تبذل جهوداً كبيرة للتعامل مع جميع القضايا المتعلقة بالإسكان، بل شهدنا وخلال الفترة القصيرة الماضية تجاوباً سريعاً تجاه الكثير من التساؤلات التي يطرحها المستفيدون وغيرهم من المواطنين، فلا يكاد يمر أسبوع إلا ونقرأ عن توزيع منتجات سكنية جديدة للمستفيدين في عدد من مناطق المملكة..
دائماً ما كان تأمين السكن للمواطن من ذوي الدخل المحدود هماً تحرص الدولة على الوفاء به. وحينما بدأ صندوق التنمية العقاري برنامج القرض السكني لمن يملك أرضاً قبل أكثر من أربعين سنة استفاد مئات الآلاف من المواطنين من هذه الفرصة، وازدهرت المدن والقرى في جميع مناطق المملكة، وتحولت البيوت الشعبية الصغيرة إلى فلل سكنية متطورة، ونشأت عشرات الأحياء السكنية الجديدة من خلال القروض الميسرة التي يمنحها الصندوق من دون فوائد لكل مواطن تمتد لمدة خمسة وعشرين عاماً، تخللها إعفاءات ما بين وقت وآخر، وإعفاء بمقدار 30 % من القرض للملتزمين بالسداد.
وبعد أن ازداد الطلب على قروض الصندوق، وبدأت قوائم الانتظار تطول حتى وصلت إلى ما يقارب خمسة عشر عاماً، صدر قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله – بإنشاء وزارة متخصصة للإسكان لتتولى تقديم معالجة جذرية لقوائم المنتظرين في صندوق التنمية العقاري، وتأمين السكن للمواطن بطريقة مختلفة عما كانت عليه سابقاً.
واستمر اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – يحفظه الله – بموضوع تأمين السكن المناسب للمواطن، فوضعت رؤية المملكة 2030 أهدافاً محددة لتملك الأسر السعودية للسكن بما يحقق رفع نسبة تملك المواطنين لتصل إلى 70 % بحلول العام 2030م. وبناء على هذه الرؤية شرعت وزارة الإسكان في تصميم وسائل مبتكرة لتأمين السكن للمواطن لا تقتصر فقط على معالجة قوائم منتظري الصندوق العقاري، ولكن تمتد لتشمل الجميع من الأسر المحتاجة التي لا يتوفر لها سكن في الأصل، ولا يساعدها دخلها المحدود على تأمين سكن لها. فقامت باستحداث وتطوير برامج لتحفيز القطاعين الخاص والعام للمشاركة في البرامج السكنية، فوضعت استراتيجية محددة لدعم توفير الإسكان للمواطنين.
ونتيجة لهذه الاستراتيجية صممت وزارة الإسكان برامج متنوعة كان أولها “برنامج سكني” بالتعاون مع صندوق التنمية العقاري، وتوقيع شراكات مع البنوك والمؤسسات التمويلية المحلية، وعقد شراكات مع مطورين عقاريين لتعجيل حصول المتقدمين على بوابة الدعم السكني على السكن الملائم بالسعر المناسب. وطبقت برنامجاً ثانياً للمساعدة في تطوير الأراضي البيضاء، وبرنامجاً ثالثاً لتنظيم قطاع الإيجار العقاري، ورابعاً لتحفيز تملك الشقق السكنية تحت مسمى (برنامج اتحاد الملاك “ملاك”). ودعمت هذه البرامج ببرنامج البيع على الخارطة (وافي)، إضافة إلى تصميم مشروعات خاصة للأسر الضمانية تحت مسمى (الإسكان التعاوني والإسكان الميسر).
وهذه البرامج والمبادرات الرائدة والفريدة في مضمونها والتي تنفذها وزارة الإسكان تتطلب تعريفاً شاملاً بها، وتوعية لجميع أطراف العلاقة من مستفيدين وملاك ورجال أعمال وبنوك ومؤسسات تمويلية تحقيقاً لرفع مستوى الثقافة والوعي العام لدى المواطنين والمهتمين والمستفيدين من خدماتها، وتبيان إنجازاتها، والحديث عن الواقع الحالي والتطلعات للمستقبل، والإجابة عن الاستفسارات الخاصة بتخوف البعض من الاستفادة من هذه البرامج والتعامل مع البنوك خاصة أن الحديث حولها زاد بشكل تدخل فيه من يفقه ومن لا يفقه بناء على معلومات مغلوطة، أو مفاهيم ناقصة.
وأمام هذه الجهود المستمرة لتوفير السكن والتي تحملها المسؤولون في وزارة الإسكان بكل كفاءة، لعلي أقترح توفير خيارات للمواطن بتوزيع أرض مجانية له بشرط قيامه ببنائها خلال مدة محددة وفقاً لاشتراطات الوزارة وتحت إشراف مهندسيها.. فهذا الخيار سيقلل من الضغوط التي قد تعانيها وزارة الإسكان من قبل بعض الذين ينظرون لبرامجها الطموحة بعين الشك والارتياب، كما أن توزيع الأرض مجاناً سيقلل من الضغط على الراغبين في التملك خاصة أن تكلفة تملك أرض سكنية قد تصل إلى ما يقارب 60 % من قيمة المسكن في المدن الرئيسة الكبرى مثل الرياض وجدة والدمام.
لا يمكن إنكار أن وزارة الإسكان تبذل جهوداً كبيرة للتعامل مع جميع القضايا المتعلقة بالإسكان، بل شهدنا وخلال الفترة القصيرة الماضية تجاوباً سريعاً تجاه الكثير من التساؤلات التي يطرحها المستفيدون وغيرهم من المواطنين، فلا يكاد يمر أسبوع إلا ونقرأ عن توزيع منتجات سكنية جديدة للمستفيدين في عدد من مناطق المملكة. ومازلنا نتمنى من وزارة الإسكان قيامها مشكورة بتوضيح بعض اللغط الذي يدور حول أن بعض الوحدات التي أنشأتها متعثرة، أو بها عيوب إنشائية، أو في أماكن غير مناسبة ولا تتوفر فيها المستلزمات الرئيسة التي تشجع على السكن، فربما كثير مما يدور حول هذا الجانب يفتقد إلى دقة المعلومة، وأنها مبنية على إشاعات تتداول في وسائل التواصل الاجتماعي فقط.
أ.د. عبدالمحسن الداود
نقلاً عن (الرياض)