تحديات الإسكان
من يتابع اليوم نشاط الإسكان يجد أن مسألة الإسكان بعد أن كانت معضلة تشغل بال كثير من أفراد المجتمع في مختلف مناطق المملكة والجميع يتابع حجم القلق الذي ينتاب كثيرين خصوصا من فئة الشباب التي أفاقت على أسعار عالية للعقار مع محدودية الخيارات والانتظار الطويل للحصول على فرصة التمويل إضافة إلى محدودية خيارات طريقة البناء التي أصبحت هي أيضا مصدر تعقيد.
في ظل الحراك الكبير داخل وزارة الإسكان أصبحت هناك مجموعة من المبادرات والبرامج المتعددة التي تعزز فرص تملك المواطن، ولعل الوزارة اجتهدت خلال الفترة الماضية في تنويع المبادرات لتملك السكن، وجعلت من المستفيد والقطاع الخاص وجهات التمويل شريكا لتحقيق نتائج أهداف برنامج التحول الوطني 2020 التي تستهدف تمليك 60 في المائة من المواطنين، وتحققت بناء على تقرير هيئة الإحصاء، ويتطلع المواطن إلى تحقيق أهداف “رؤية المملكة 2030” والهدف منها أن يمتلك 70 في المائة من المواطنين مساكنهم، والوزارة في الفترة السابقة أسست توجها أن تلعب دور المحفز والمراقب والمنظم الذي يمكن من وجود التوازن في سوق السكن حيث تحفز المطور على البناء وجهات التمويل على تسهيل التمويل في قطاع الإسكان، إضافة إلى العمل على تحويل الصندوق العقاري إلى مؤسسة مالية تدعم نشاط تمويل الإسكان، وهذا الحراك الكبير كان له دور في مضاعفة حجم التمويل للمواطنين بعد أن كان لا يتجاوز 15 ألف فرصة تمويل في أفضل أحواله إلى أن بلغ حاليا 120 ألف فرصة تمويل وتتطلع الوزارة إلى أن يبلغ حجم التمويل 180 ألف فرصة تمويل في كل عام بواقع 15 ألف فرصة تمويل شهريا.
لا شك أن برامج التمويل ومشاريع الإسكان يمكن أن تواجه مجموعة من التحديات التي ينبغي على الوزارة العمل على مواجهتها مستقبلا خصوصا أن الحراك الحالي يعزز من نجاحه وجود شريحة كبيرة تتطلع إلى تملك السكن وقد تكون اشتراطاتها أقل، ولا يعلم على وجه التحديد خيارات الأجيال المقبلة وتوجهاتها، ولذلك فإن هناك مجموعة من التحديات التي يمكن أن تواجه هذا القطاع ومنها استدامة التمويل والقدرة على تحفيز القطاع الخاص لتنفيذ المشاريع بتكلفة معقولة خصوصا في المدن الكبرى، حيث إن الوضع الحالي رغم ما فيه من الصعوبات إلا أن الوزارة استطاعت تجاوز مجموعة من التحديات ولعل الدعم الحكومي الضخم عزز من فرص نجاح برامج التمويل لكن كيف يمكن استدامة هذا الحجم من التمويل، ولعل الوزارة يمكن أن يكون لها برنامج للاستثمار خصوصا في أجزاء من الأراضي المخصصة لها إضافة إلى الاستثمار في مجالات أخرى تمكنها من استدامة الموارد وتنويعها ليخف اعتمادها على الدعم الحكومي.
من ضمن التحديات أن المجتمع ينمو بشكل كبير حيث إنه في كل عام تنشأ أسرة جديدة في المجتمع ولعل الوزارة أدركت ذلك فأصبحت تتطلع إلى تحقيق فرص للسكن أعلى من هذا الحجم، ولكن بلا شك أن استدامة حجم هذا التمويل تتطلب بناء قدرات كافية للاستمرار في ذلك وخطط وبرامج في هذا الإطار، مع الأخذ في الاعتبار العمل على الابتكار لزيادة جاذبية برامج الوزارة للأجيال المقبلة التي قد لا يكفيها الخيارات المتاحة حاليا.
من التحديات قدرة الوزارة على الوصول إلى شريحة الشباب وإقناعها بأهمية السكن خلال الفترة الأولى لتكوين الأسرة، إذ إن جزءا من هذه الشريحة يميل إلى الإنفاق أكثر على الكماليات وتأجيل التركيز على بعض الأولويات، ما قد يؤدي في مرحلة من حياتهم إلى صعوبة تملكهم السكن أو قد يعقد من فرص تقديم خيارات كافية لهم من قبل الوزارة.
من التحديات التي يمكن أن تواجه الوزارة العمل على جعل الإسكان صناعة تتضمن تخطيط الأحياء بشكل نموذجي، والكفاءة في تصميم الوحدات السكنية، والعمل على تشجيع تصميم المباني الصديقة للبيئة، إضافة إلى تصميم الأحياء بصورة تجعلها أكثر أمانا وتشجع على علاقة جيدة بين سكانها.
الخلاصة: إن جهود وزارة الإسكان كبيرة فيما يتعلق بحل أزمة السكن وتتطلع إلى أن يكون الإسكان صناعة تدعم الاقتصاد الوطني والحراك لدى الشركات الوطنية، وقد تواجه مجموعة من التحديات مستقبلا، ما يجعل هنا أهمية لدعم الجهود فيما يتعلق بالبحوث والدراسات وبناء الخبرات في مجال الإسكان وتعزيز الوعي في المجتمع فيما يتعلق بأهمية تملك السكن والكفاءة في خيارات التصاميم التي تناسب احتياج الأسرة.
د.صلاح بن فهد الشلهوب
نقلاً عن ( الاقتصادية)