هل جربت أن تتعلم المشي والكلام؟
نعم السؤال صحيح ومنطقي! لأننا ببساطة نعتقد أننا بارعون في عادات ومهارات نفترض أنها تلقائية، لكننا في واقع الأمر بعيدون كل البعد عما نظن!
لعل أهم مهارة يفتقدها الكثيرون ويخسرون الكثير جراء ذلك؛ هي مهارات التواصل مع الآخرين، فلا اهتمام بانتقاء الكلمات وأسلوب الحديث، ولا حرص على لغة الجسد المناسبة، ثم يدهش حينما يجد أن تواصله فشل ولم يحقق النتائج المأمولة! وهو ما ينطبق على مهارات وعادات أخرى، مثل المشي، الذي قد تمارسه دون محاولة تعلم الطريقة المثالية كونك تمشي كل يوم منذ أن استطعت المشي! رغم أن أسلوب مشيك قد يكون خاطئاً وضاراً لصحتك، ناهيك عن الاهتمام بالظروف الملائمة للمشي من الحذاء والرداء المناسبين! ومثل ما ينطبق – أيضاً – على طريقة صعودك الدرج، إذ يقوم أغلبنا باستخدام أصابع القدم، مما يشكل ضغطاً شديداً على الركبة، بينما الطريقة المثالية هي أن تستخدم كامل القدم خلال الصعود، وبالتأكيد هذه المعلومة لن تدركها لوحدك ما لم تكون سألت أو بحثت عنها.
نمارس الكثير من العادات دون أن نهتم بالطريقة المثلى لممارستها، رغم أن صرف وقت قصير نسبياً في تعلّم تلك الطريقة المثلى والتدريب عليها؛ سوف يعود علينا بالنفع المضاعف، تماماً مثل الحطّاب الذي يخشى إضاعة الوقت في سن منشاره؛ بينما يخسر وقتاً وجهداً شاقين في تقطيع الأشجار بمنشارٍ متهالك! لدينا اليوم فرص هائلة متاحة ومتنوعة لتعلم تلك المهارات، أسهلها الطريقة المجانية عبر مشاهدة المقاطع المرئية في منصة “اليوتيوب”؛ إذ تتوفر المئات من المقاطع التعليمية لكل شيء، بأشكال وأساليب مختلفة، لا يحتاج منك الأمر سوى الاعتراف أنك بحاجة لتطوير مهارتك، فقضاء وقت في المشاهدة ثم التطبيق.
نعتقد دوماً أننا الأذكى، وأن مهاراتنا هي الأفضل، وأنهما هبتان تميزاننا عن الآخرين، بينما الواقع يؤكد أننا كما أغلب البشر نحتاج التدريب والتطوير، خصوصاً للمهارات التي نزعم أننا بارعون بها. ولنا في التدريب المكثف الذي يخضع له السياسيون والمشاهير على مهارات الخطابة خير مثال، إذ إن أثرهم على المتلقي يتضاعف مرات عديدة بعد التدريب والممارسة، دون إغفال أن بعضهم قد لا يحتاج التدريب لوجود تلك الموهبة الفكرية لديه؛ لكنه يحرص ويجتهد في التدريب، حتى يستطيع تحقيق هدفه بسهولة وفعالية أكبر.
انزع عنك كبرياء نفسك وخجلك الاجتماعي، ولا تردد في البحث عن الطريقة المثلى لتطبيق ما تفعل حالياً من عادات ومهارات، حتماً سوف تحوز التميز في الأداء، وتكسب الوقت والجهد، والأهم تحقق أقصى أثرٍ في من حولك.
عبدالرحمن السلطان
نقلاً عن (الرياض)