التجربة السعودية .. في الأمن والقضاء
بعد أن أصبحت بلادنا في مصاف الدول الكبرى عالميا لم تعد تجاربها الناجحة ملكا لها وحدها وإنما تتقاسم تلك التجارب مع الدول الشقيقة والصديقة لتكون الاستفادة منها أعم وأشمل. ومما لا شك فيه أن التجربة السعودية في مجال الأمن ومكافحة الجريمة والإرهاب تعد على قائمة التجارب الناجحة عالميا، وقد شهدت بذلك دول عديدة من بينها دول غربية متقدمة أنقذت الإنذارات الأمنية السعودية مواطنيها من كوارث كبيرة كان يمكن أن تقع، ومن الناحية الأكاديمية تدرس التجربة السعودية في جامعة نايف للعلوم الأمنية وربما في جامعات أخرى. وعلى الواقع الملموس ورغم تسلط قوى الشر القريبة والبعيدة على بلادنا فقد أخمدت محاولات عديدة بضربات استباقية وظل الأمن في بلادنا مضرب المثل، ولله الحمد. ولعل العبارة الذهبية التي أطلقها الأمير نايف بن عبدالعزيز – رحمه الله – بأن المواطن هو رجل الأمن الأول، قد فعلت ما لم تستطع فعله كل المحفزات التي تتبعها أجهزة الأمن في العالم لكسب المواطن إلى جانبها. وظل المواطن السعودي إلى يومنا هذا في الصف الأول لمواجهة الجرائم وأهمها الإرهاب وتهريب المخدرات مدعوما برجال الأمن المدربين تدريبا عاليا وبأنظمة حازمة وقوية تصل إلى الإعدام الذي سيأتي الحديث عنه عند تناول التجربة القضائية.. وبالتوازي مع أهمية التجربة الأمنية تأتي التجربة القضائية أو العدلية.. ولقد استمع كتاب الرأي يوم الثلاثاء الماضي إلى حديث يسر كل مخلص من الدكتور وليد الصمعاني وزير العدل، حيث شرح الحديث خطوات وزارة العدل في تسهيل الإجراءات والأخذ بالتقنية الحديثة في كل أعمال الوزارة والمحاكم التابعة لها.. وغطى اللقاء جميع الصحف ولذا فإن تركيزي سيكون على جوانب أخرى من أهمها مشاركة الدول الشقيقة والصديقة في نتائج التجربة القضائية الناجحة التي ظل الأعداء وما زالوا يكيلون لها الاتهامات. ومع ذلك أثبتت الأيام والحوادث استقلالية القضاء السعودي وعدالة الشريعة الإسلامية.. خاصة بالنسبة لعقوبة الإعدام التي يتمنى قضاة في دول غربية عديدة أن تطبق لديهم لأن العقوبات الأخرى وخاصة ما تسمى العقوبات البديلة قد فشلت في ردع عتاة المجرمين عن ارتكاب جرائم تقشعر لها الأبدان من اغتصاب وتعذيب وقتل وتهريب للمخدرات لإفساد المجتمعات وسطو مسلح وغيرها من الجرائم، لكن هؤلاء القضاة لا يرغبون التصريح بما يقولون في الغرف المغلقة.. ومن هنا نرى أن من يرتكب جريمة كبيرة كذلك المجرم الذي قتل 50 مسلما في مسجدين في نيوزيلندا يقوم بجريمته بدم بارد ويبتسم عند المحاكمة لأن عقوبته ربما تكون السجن عشرين عاما وقد يفرج عنه بعفو قبل ذلك لحسن سلوكه في السجن.. والأمثلة كثيرة في ظل تنامي الجريمة عالميا وعجز سلطات الأمن والمحاكم عن وضع حد لتسلط المجرمين على الأبرياء دون رادع ديني أو أخلاقي أو عقوبات رادعة.
وأخيرا: التجربة السعودية في مجال الأمن والقضاء هدية ثمينة للمجتمع الدولي إذا قدمت في المحافل الدولية ومنها منبر الأمم المتحدة وليس الهدف من ذلك إعلاميا أو دعائيا لبلادنا، ولكن الهدف هو تعميم الفائدة والمساهمة في الحد من انتشار الجريمة عالميا، وستجد تجربتنا في الأمن والقضاء قبولا إذا قدمت بالأسلوب المناسب. وأثق بأن المسؤولين في وزارة الداخلية ورئاسة أمن الدولة ووزارة العدل لديهم القدرة على صياغة تلك التجارب وتقديمها بالشكل الذي يحقق الهدف الكبير وهو مشاركة المجتمع الدولي في أي عمل إيجابي كعادة بلادنا.
علي الشدي
نقلاً عن (الاقتصادية)