تقنية البناء.. حان وقت الانطلاق
لدي شغف في متابعة الحلول التقنية، في كل شيء، رغم حنيني الدائم -مثل كثيرين- للحياة التقليدية القديمة، الحنين لا يعني بالضرورة الرغبة بالعودة، وإنما بالتأكيد الاشتياق، يكبر ويخبو ويغيب، وفقاً لمتغيرات وأمزجة وظروف.
تابعت مؤخراً شغف العالم المتطور بما يعرف بـ”تقنية البناء”. تقنية البناء أو البناء بالتقنيات الحديثة يعد من القطاعات المهمة، التي لم تأخذ الاهتمام الكافي لدينا محلياً، لأسباب مختلفة، على الرغم من أن هذه التقنيات يوجد جزء كبير منها مستخدماً منذ فترة طويلة عالمياً.. من جهة، ومن جهة أخرى لدينا نماذج محلية عديدة ناجحة على مدار العقود الماضية، لكنها ظلت في إطار المحدودية ولم ترتق لتكون نمطاً شائعاً، يمكن الاعتماد عليه في خريطة البناء والتشييد، وأذكر هنا على سبيل المثال سكن الهيئة الملكية بالجبيل وينبع وسكن أرامكو في الظهران وسكن جامعة الملك سعود وغيرها.
حسب معرفتي المتواضعة، تأخذ تقنية البناء أشكالاً عديدة. تتنوع ما بين الوحدات مسبقة الصنع من الخرسانة الجاهزة أو من الحديد الخفيف أو الهياكل والتي تشمل أنماطاً عديدة، مثل: القوالب الخرسانية المعزولة والخرسانة مسبقة الصب المعزولة وغيرها، وهذه التقنيات يشار إليها بتقنيات الجيل الثالث مقارنة بالتقنيات المستقبلية أو تقنيات الجيل الرابع وأشهرها بناء المساكن بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد والتي لا تزال في طور التطوير البحثي والتجارب.
التساؤل غالباً ما يفضي بنا إلى المعرفة. فالحديث عن تقنية البناء بطبيعة الحال يدفعنا إلى السؤال: لماذا تكمن الحاجة؟ باعتقادي أن تقنية البناء توفر مباني أكثر كفاءة، وجودة واستدامة من جانب، كما أنها تشكل رافداً مهماً للتنمية الاقتصادية لدينا، إذا ما تم توسيع دائرة الاعتماد عليها. لسببين، الأول: أن تحويل معظم الجهد المبذول في عملية البناء التقليدي من موقع البناء إلى داخل المصانع سيوفر فرصاً نوعية للمواطنين للعمل في بيئة تقنية جديدة ومحفزة، وسيقلل بالتالي من الاعتماد على العمالة الوافدة، ويسهم بشكل مباشر في توليد قطاع جديد من الوظائف. والعامل الثاني: هو أن الوقت القياسي المستخدم في بناء البيوت الذي قد يصل إلى شهرين داخل المصنع وشهر في موقع التنفيذ يزيد من القدرة الإسكانية في المملكة، ويسرع من فرص تملك المنازل. هكذا أنظر للتقنية.
تقنية البناء قطاع كبير لا يمكن اختزاله في نمط واحد حالي أو مستقبلي مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد وهو النمط الذي يصاحبه دائماً الزخم الإعلامي الكبير، هذا ما يجب التنويه إليه، بعدما قرأت مؤخراً عن التقنية.
لدينا عالمياً أنماط ومدارس متعددة وتجارب وممارسات مختلفة، ولدينا محلياً الرغبة الكاملة نحو الانطلاق للمستقبل في ضوء رؤية السعودية 2030 وبرامجها ومبادراتها، الرامية إلى إيجاد الحلول السكنية، وتوطين الصناعات، وجذب الاستثمارات وهي العوامل الثلاثة التي تجتمع في هذا القطاع المبشر، لذا يمكننا القول حان وقت تقنية البناء. والسلام..
أمجد المنيف
نقلاً عن (الرياض)