دخلت الجامعة في عزلة عن المجتمع بسبب غياب دورها التنويري
مجلة الفيصل تناقش ملف الجامعات العربية وتلاشي دورها الطليعي
صدر العدد الجديد من مجلة «الفيصل»، متضمناً ملفاً رئيسياً عن قضية «الجامعات العربية وتلاشي دورها الريادي»، شارك في مناقشتها مفكرون وباحثون وأدباء من مختلف الدول العربية: حسن حنفي، وعبدالمجيد الشرفي، وتركي الحمد، وأحمد فرحات، ومحمد المحجوب، ورشيد بوطيب، وجمال حسن، وأمير تاج السر، وزين عبد الهادي، الذين تطرقوا إلى الأدوار التي لعبتها الجامعة فيما مضى، وكيف كانت تصنع التنوير وتربي الأحلام وتقوم بدور طليعي تنويري، ثم توقفوا عند ما آلت إليه الجامعة، وكيف ينظر إليها حالياً المجتمع والفرد معاًن وكيف دخلت في عزلة عن المجتمع بسبب غياب دورها التنويري، وبحسب المشاركين بالملف فإن الجامعة في الوطن العربي تعيش في أزمة تحصيل فكري وثقافي، تلقي بظلالها على المجتمع كله.
أما حوار العدد، فكان مع المفكر العراقي عبد الجبار الرفاعي، الذي يرى أن تحديث الفكر الديني لا يتم سوى بإشاعة فهم عقلاني متسامح، وأن جماعات الإسلام السياسي تفتقر للتربية الروحية والأخلاقية والجمالية. وقال الرفاعي إن «البروتستانتية المسيحية والإسلامية تشتركان بإنهاكِ الدين، وإفقارِه ميتافيزيقيّاً، وخفضِ طاقته الروحية، لكن البروتستانتية المسيحية حرّرت الدولة من الدين، والبروتستانتية الإسلامية أفشلت الدولة بالدين، وأفشلت الدينَ بالدولة»، مشيراً إلى أن كتابات المتصوفة تتفرد بأنها فتحت آفاقاً للتأويل تتخطى الفهمَ الحرفي المغلق للنصوص الدينية». وأجرى الحوار الدكتور موسى برهومة.
وساهم في هذا العدد طيب تيزيني الذي كتب عن الحطام العربي.. رهان خاسر»، وقال في مقاله «إن البعض من المثقفين اتجه إلى (خطوط حمراء) تجسد البؤس، وربما الخنوع واليأس، وهذا كان من منتجات النظم الأمنية، وإغلاقها أبواب التغيير، إضافة إلى انكسار كبير في نفوس فئات كبيرة أصبحت في قلب اليأس والبؤس والتشاؤم». أما علي حرب فكتب عن «السلطات الثلاث»، وجاء في مقاله: «قد يعجب المرء وصفي لنفسي بالخوف والخجل والضعف، فيما أنا أمارس جرأتي الزائدة في كتاباتي النقدية التي تستفز أو تصدم الكثيرين من القراء. فهل أعوض بالكتابة عما افتقدته في حياتي العملية؟ وهل جرأتي في معاركي الفكرية هي الوجه الآخر لجبني في معترك الحياة؟».
وكتب هشام غصيب عن مشروع سمير أمين، مشيراً إلى أنه «يتميز عن أقرانه من المفكرين الماركسيين العرب الآخرين في أنه كان الوحيد بينهم الذي كان خبيراً في نقد الاقتصاد السياسي، وعالماً مبدعاً في هذا المجال. فهو لم يكن مجرد خبير أكاديمي في نقد الاقتصاد السياسي، وإنما ساهم في تطوير هذا العلم ووضع النظريات وابتكار المفهومات الجديدة فيه». وواصل الناقد الفلسطيني فيصل دراج كتابة سيرته الذاتية، متحدثاً في هذه الحلقة عن محمود درويش.
ومن الدراسات الأخرى التي نشرتها المجلة: «قصيدة النثر نوعاً شعرياً» محمد بدوي، و «رولان بارت والتحليل النفسي»، حسن المودن، و «وعي الذات وتداعيات الذاكرة»، نورة القحطاني، و«قسوة الشاعر ونعومة الفيلسوف»، معاذ بني عامر، و «إدغار موران تحت مجهر السترات الصفراء»، ديمة الشكر، و«الخطاب الديني من التنوير إلى التكفير»، شايع الوقيان، و «وائل حلاق في مواجهة مع الخطاب الاستشراقي»، العربي إدناصر، وغيرها.
ونشرت المجلة أيضاً حواراً مع نجيغو واثيونغو. ونقرأ في باب «تحقيقات» موضوعاً عن العلاقة بين السينما والأدب، وفي باب «ثقافات»: «حنة أرندت تكتب عن لقائها بالشاعر البريطاني دبليو. إتش. أودن»، قالت فيه إنها «أصبحت متيقنة أكثر من أي وقت آخر مضى أنه تأذى من الشعر»، ترجم المقال جابر طاحون. وغير ذلك من الموضوعات المتنوعة.
أما كتاب العدد، فكان بعنوان «حفلة قديمة على القمر: تجارب ستة من أبرز الشعراء الأميركيين» دراسة وترجمة الشاعرة آمال نوار، والتي تقول أن هذا الكتاب هو بمنزلة جزء أول من سلسلة دراسات وترجمات -ستستكمل عرضها مستقبلًا في إصدارات لاحقة- تضيء جوانبَ من «المشهد البانورامي» لشعراء الحداثة الأميركيين، الذي يستحيل تطويقه برمّته. وتتناول الكاتبة في هذا الجزء، ست تجارب شعرية فريدة وبارزة، أثّرت في مسار الحداثة في الشّعر الأميركي في القرن العشرين. تحاول من خلال إلقاء الضوء على مميزاتها، وخصوصية كل منها، ونماذج من أشعارها، الإحاطة بـ«بعض» ملامح الشعرية الأميركية في سياق تطورها، منذ انطلاق مرحلة الحداثة في أواخر القرن التاسع عشر حتّى النصف الأول من القرن العشرين، أي وصولًا إلى مرحلة ما بعد الحداثة التي انطلقت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.