فتاة تايلند!
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
في ظل اضطراب إقليمي مستعر يزداد يوما بعد يوم، تترصد الكثير من الأطراف في منطقتنا الشرق أوسطية بل وفي مناطق أخرى من العالم والمملكة، باحثة عما يمكن أن تهاجمها به أو توجه لها من خلاله سهام نقدها اللاذع، في مسعى واضح لجعل المملكة مسرحا ً مستمرا للفتن شأنها شأن بعض الدول التي دمرتها تلك الفتن، وقضت على الأخضر واليابس فيها، وعادة ما تتزامن تلك الحملات المشبوهة مع حملات مستعرة لأقلام مريضة، تجندها بعض الدول لمهاجمة المملكة دون أي مراعاة لمنطق أو لواقع، وعلى الرغم من أن تلك الدعاوى تعكس فقرا في الحجج ومغالطات واضحة في عرض القضايا المطروحة، إلا أن الاستغلال الإعلامي لها من خلال الأبواق الدعائية المأجورة والموجهة مستمر، ولن يتوقف حتى يؤتي ثماره المرجوة.
لا ننسى بطبيعة الحال الكثير من الأسماء المعروفة التي كانت ولا تزال تستغل مواقع التواصل الاجتماعي على اختلافها للنيل من المملكة ومن رموزها، ومن المؤسف أن يتم استغلال بعض المراهقين والمراهقات حديثي السن وعديمي التجربة لتشجيعهم على الانخراط في كل ما من شأنه الإضرار بهم وبأسرهم وبوطنهم، سواء من خلال حثهم على الانضمام للجماعات الإرهابية، وبالتالي نشر التشدد والتطرف والإرهاب في المملكة، أو من خلال تشجيعهم على اعتناق أفكار مخالفة لديننا وعقائدنا ولعادات مجتمعاتنا بدعوى الحرية الشخصية وحقوق الإنسان.
ولعل أبرز مثال لما ذكرته آنفا ً هو ما يتم تداوله حاليا ً فيما يعرف بفتاة تايلند، وهى قضية تكاد أن تكون نموذجا مصغرا لما يمكن أن يؤول إليه مصير فتاة صغيرة السن عديمة التجارب يتم استغلال قضيتها أسوأ استغلال للنيل من المملكة على نحو مفضوح، وهو الأمر الذي يقدم دليلا ً دامغا على محدودية وعيها بالأبعاد التي يمكن أن تصل إليها مشكلتها الشخصية، متصورة أن العالم مهتم بالفعل بقضيتها وراغب حقا في مساعدتها، دون الالتفات لأية أبعاد أخرى.
لا شك لدينا في أن الكثير من المراهقين -شأنهم شأن هذه الفتاة- يتم استدراجهم وفق خطط مدروسة قد تصل إلى درجة التنكر للدين، وذلك لقطع كل خطوط العودة إلى ديارهم ومن ثم استغلالهم إعلاميا تحت ستار حقوق الإنسان، ولقد اعتادت المملكة على مثل هذا التربص الذي ما إن ينطفئ قليلا حتى يعود ليشتد من جديد، ذلك أن المملكة كانت ولا تزال -وستظل- ً هدفا صعب المنال، وأمنية عسيرة التحقق، ولا يزال الأمن والاستقرار اللذان تنعم بهما مصدرا ً مهما ً للحقد والضغينة التي تمور في صدور البعض ضدها، ودافعا ً قويا لاستمرار الحملات التي تشن للنيل من استقرارها، وتستهدف تقويض أمنها أو حتى بث الاضطرابات داخل صفوف شعبها المتلاحمة.
ما أثلج صدورنا في حقيقة الأمر هو التعامل الهادئ الرزين والحكيم الذي ميز تعامل السلطات السعودية مع تلك القضية العاصفة، والتي تحتاج لميزان دقيق وخاصة أنها تتعلق بحياة ومستقبل فتاة لا تزال في ريعان شبابها، مما يمس حياة أسرتها وأبويها وكافة أفراد عائلتها، فقد أعلن المسؤولون السعوديون حرصهم على الفتاة وسلامتها، كما أن المملكة وسفاراتها في الخارج تمد يد المساعدة للمواطنين السعوديين بكافة الوسائل والطرق الممكنة، وهي التصريحات التي من شأنها إخراس جميع الألسنة وحبس لهيب الحقد في الصدور المستعرة والمشتعلة حسدا، ولا مجال للمزايدة أو الاستغلال أو تدويل القضية، فحججهم بالفعل واهية وادعاءاتهم تخلو من أي منطق أو مبرر.
محمد حسن مفتي
نقلاً عن (عكاظ)