لماذا المقبرة؟
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
قررت سيدة أن تقدم دورات تدريبية نسائية في إحدى مقابر منطقة الجوف، وطلبت تصريحا لإقامة هذه الدورة في تطوير الذات؛ لتعين السيدات على التعامل مع الخوف، وإيقاظ عنصر الشجاعة في شخصياتهن. هذه الفكرة لم تكن دون معارضة، فكثير ممن علموا عن الدورة تكلموا عن حديتها العالية، بل إنها لم تحصل على التصريح إلا “بطلوع الروح”.
أقول: هناك كثير من المخاطر التي يمكن أن تحدث عندما نتجاوز خطوطا حمراء في علم النفس، وقدرات الفرد على التعامل مع الأشياء. المقبرة وهي عنصر غريب على الأحياء في العصور المتأخرة، قد تكون ذات أثر سلبي بدلا من الأثر الإيجابي الذي تتطلع إليه الباحثة.
إن ربط المقبرة في مفاهيم المجتمع بحالة البرزخ، وهي حالة تبدأ فيها حياة جديدة وتركيبة مختلفة للأشياء، قد تؤدي مشاركة السيدات فيها إلى آثار نفسية طويلة الأجل. لست هنا أتحدث عما بعد الحياة، أو ما خلف الواقع أو السيريالية الواضحة في الموضوع، أنا أتحدث عن التأثير الذي يمكن أن يكون مثيرا لعوارض صحية خطيرة، سواء في الخيالات التي يمكن أن تثيرها ليلة الوجود في المقبرة أو حولها، أو وجود مزيد من الربط الخطير بين الليل والموت والقبور، وهو ما قد يؤدي إلى أثر نفسي غير قابل للإصلاح.
قد تكون سيدة أو مجموعة سيدات من القدرة والتمكن حيث يستلهمن الشجاعة التي تدفعهن إلى محاولات السيطرة على “المسكين” الموجود في المنزل، وقد يكون هو من دفع تكاليف الدورة. وهذا في حد ذاته منذر بخراب البيوت وتدمير العلاقات المستقرة؛ إذ تتوحش الأنثى، فلا يستطيع الذكر أن “يفرد عضلاته عليها”، ثم لكم أن تتخيلوا ما يمكن أن ينتج بعد ذلك.
لكن نعود إلى الجد، وهو إمكانية أن تتأثر ولو واحدة من المسجلات في الدورة بما يوحيه هذا الحضور، وهذه الفكرة المخيفة للرجال قبل النساء، وهذا الأثر قد يستمر معها، ويؤثر في حياتها كاملة بعد الدورة.
لهذا أقول لمن صرح بهذه الدورة: عد وألغِ التصريح، فقد يكون من المناسب أن تلقى هذه الدورة في أي مكان آخر، وليس بالضرورة في المقبرة، ولنراجع ما حدث في تجارب مماثلة في دول أخرى، وأقربها تجربة جامعة ستانفورد في الولايات المتحدة.
علي الجحلي
نقلاً عن (الاقتصادية)