الوزراء الجدد والتفكير خارج الصندوق
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- أمره الكريم الأسبوع الماضي بإعادة تشكيل مجلس الوزراء في دورته الجديدة. وشمل التشكيل الجديد للمجلس إعفاء بعض الوزراء من مناصبهم وتعيين آخرين جدد في أماكنهم، وتثبيت عدد من الوزراء في حقائبهم الوزارية المسندة إليهم من قبل.
تَفاعل الشارع السعودي مع ذلك التشكيل الجديد للمجلس، وبالذات وأنه قد جاء في ظروف مواتية للتغيير في ظل جملة من التحديات الداخلية والخارجية التي تشهدها المملكة (سياسياً واقتصاديا وتعليمياً وصحياً وسكانياً وإلى غير ذلك من التحديات)، والتي تتطلب أن يكون لدينا وزراء وقياديون ومسؤولون بأجهزة الدولة من نوع آخر مختلف تماماً عن الوضع السابق، بحيث يكونون قادرين على التعامل مع تلك التحديات وتحويلها إلى فرص يمكن أن تستفيد منها المملكة في بناء اقتصاد قوي ومتين، وأن يكون لديها نظامان «صحي وتعليمي» وأنظمة خدمات عامة يشار إليها بالبنان أسوة بما هو واقع الحال بدول العالم المتقدم.
النوعية الجديدة من الوزراء التي برأيي البلد في حاجتها خلال الفترة القادمة، تتطلب بل تفرض الحاجة إلى تَوفر مسؤولين حكوميين يمتلكون القدرة على التفكير خارج الصندوق وتمتعهم بروح المبادرة والقدرة على اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة وصارمة طالما أنها في صالح الوطن والمواطن. كما أن تلمس احتياجات المواطنين عن قرب والعمل على تلبيتها بالسرعة المطلوبة، يُعد مطلب مهم للغاية للتحسين من مستوى الخدمات العامة التي تُقدم للمواطنين، سيما وأنه وعلى الرغم مما شهده نظام التعليم وما شهدته الخدمات الصحية في بلادنا خلال السنوات الماضية من تطور، بما في ذلك الخدمات العامة المقدمة للمواطنين والمقيمين، إلا أنها لا تزال دون الطموح المأمول، سيما وأن الدولة رعاها الله لم تقصر في رصد الميزانيات والمخصصات والأموال الطائلة للتحسين من مستوى تلك الخدمات، ولكن وعلى الرغم من ذلك فانها لا تزال قاصرة في قدرتها على تلبية طموح المواطنين والمقيمين مما يفرض الحاجة المستمرة إلى تحسينها وتطويرها.
برأيي أيضاً يتطلب من الوزراء الجدد البعد عن التنظير والانغماس بشكل مُكثف في إعداد الخطط ورسم الاستراتيجيات، سيما في ظل وجود رؤية ومستهدفات واضحة للمملكة، بما في ذلك مؤشرات أداء قد سبق وأن تم اعتمادها ببرنامج التحول الوطني 2020 عند اطلاقه رسمياً في عام 2016.
برأيي كذلك ضرورة أن يتعايش الوزير مع هموم المواطن وأن يكون قريبا منها للتعرف عليها وتلبيتها، مما يتطلب منه النزول للشارع والقيام بزيارات ميدانية مكثفة وعدم الاعتماد بشكل كبير وتام على ما يرفع إليه من تقارير التي قد تكون مضللة ببعض الأحيان ولا تَعكس فعلياً ما عليه واقع الحال.
أخيراً وليس آخراً على الوزير متابعة عن قرب ما يثار ويتداول بوسائل الإعلام الجديد Social Media والتفاعل مع ما يطرح من آراء ومقترحات مفيدة للتطوير والتحسين من مستوى الخدمات.
أخلص القول، أن مهنة الوزير اليوم لم تَعد مهنة تشريف بل مهنة تكليف ولم تعد مهنة تَرَزُّزٌ ومستوى اجتماعي رفيع Social Status، بل أصبحت مهنة عمل شاق ودؤوب ومتواصل ليلاً نهاراً لخدمة المواطن والوقوف على حاجاته ومتطلباته التنموية والعمل الجاد على سرعة تلبيتها بالجودة والنوعية التي ترتقي إلى تطلعاته وطموحاته، سيما وأن مستهدفات رؤية المملكة 2030 وبرامج التحول الوطني 2020 واضحة ولا غبار عليها، والتي تتطلب على سبيل المثال لا الحصر في مجال الخدمات الصحية المقدمة للمواطن، أن تشهد تحسناً ملموساً بشقيها الوقائي والعلاجي، وأن يشهد تعليمنا تحسيناً مستمراً للبيئة التعليمية المحفزة على الإبداع والابتكار، وأخيراً أن تشهد خدماتنا العامة التحسين المستمر بتغطية المدن بمرافق عامة وببنية تحتية ذات جودة وكفاءة عالية.
طلعت حافظ
نقلاً عن (الرياض)