تباشير إعادة هيكلة القطاع المصرفي
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
هل نحن في حاجة إلى اندماج المصارف، وهي في الأساس سوق المنافسة فيها محدودة؟ نحن في حاجة إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي، الذي شأنه شأن عديد من القطاعات الحكومية والأهلية وقعت في روتين الدعة بعد سنوات من الرتابة. لكن ماذا تعني إعادة الهيكلة هنا تحديدا؟ تعني جملة أمور، منها أن نعطي أولوية في برنامج تطوير القطاع المالي لمبادراته التي ستجلب قيمة مضافة للاقتصاد، وهذه لن تأتي إلا من خلال إعادة هيكلة “مزعزعة” disruptive لما هو قائم. فمثلا، كيف سيكون في وسع القطاع المالي القائم حاليا النمو ليصبح حجمه ضعفي الناتج المحلي الإجمالي للسعودية، وهذا مطلب إحدى مبادرات برنامج تطوير القطاع المالي، وهو أحد برامج “رؤية 2030” المقرة والمعلن عنها؟ وكيف ستتمكن سوقنا المالية من استيعاب طرح خمسة قطاعات للخصخصة هذا العام – كما أعلن وزير الاقتصاد والتخطيط عقب إعلان ميزانية عام 2019 في ملتقى الميزانية الذي عقد الأربعاء الماضي؟ أمامنا برنامج طموح، بتحديات كبيرة، والحائل – أزعم – بين اقتصادنا والمكاسب التي يمكن أن تتحقق هو الرتابة والدعة، التي لن تتنحى جانبا إلا بإعادة هيكلة. لكن كيف؟
حتى بعد اندماج المصرفين الأهلي والرياض، في حال تحققه، فلن يكون المصرف الناتج عن اندماجهما من ضمن أكبر 100 مصرف؛ أي أنه لن يكون كبيرا بما يكفي للقيام بصفقات عالية القيمة، بما يحتاج إليه اقتصاد ينفتح على العالم ليس فقط من خلال صادراته النفطية والبتروكيماويات، ولكنه يتجه إلى تنويع قطاعاته كافة، من خلال استقطاب شركات عالمية ستكون هي البذرة لاستزراع أنشطة اقتصادية يحتاج إليها التنويع، وهذه الشركات ستكون في حاجة إلى مصارف كبيرة تمتلك السعة والقدرة لتوفير المتطلبات واستيعاب المخاطر، وقد تكون هذه الشركات في حاجة إلى جلب مصارفها معها، أو التعامل مع مصارف تتفهم متطلباتها وبيئتها، ولكن قبل الاستطراد في هذه النقطة أقول، إن المصرف الناتج “الأهلي+ الرياض” قد يكون في حاجة إلى الاندماج مع مصرف ثالث ليصل حجم الأصول إلى تريليون ريال “267 مليار دولار”، وهو الحد الفاصل حاليا لأكبر 100 بنك في العالم. وبالإمكان الإسهاب لبيان ضرورة امتلاك اقتصادنا مصرفا تجاريا بهذا الحجم، وقد أعود إلى ذلك في سياق آخر. أما الخطوة التالية لإعادة الهيكلة فهي فتح البوابات، ولا مانع حتى من استقطاب مصرف صيني رئيس وكذلك روسي، وفتح المجال للمصارف الرئيسة التي بيننا وبينها شراكات استراتيجية. لعل من المناسب التذكير أن المصارف الصينية من بين الأنشط في العالم، فخمسة مصارف صينية من بين قائمة الـ10 الكبار. “جيبوا واحد منها”!
د. إحسان علي بوحليقة
نقلاً عن (الاقتصادية)