قمة الخليج.. المصالح قبل العواطف!
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
تبدأ غداً أعمال القمة الخليجية في الرياض وسط تحديات بالغة الحساسية والتعقيد للمنطقة والعالم، واستحقاقات فرضتها التطورات المتسارعة في التعامل مع الأحداث والقرارات الدولية والمصالح التابعة لها، حيث لا ترى المملكة في هذه القمة ما هو أهم من أمن واستقرار دول الخليج والمنطقة، وتحصينها من أي تدخلات إيرانية، أو إقليمية طامعة، والحفاظ على مكتسبات الكيان الخليجي حتى لو كان أحد أعضائه عاقاً ومغرداً خارج سربه.
كنّا نتمنى أن تُعقد القمة ودولة قطر قد تراجعت عن مواقفها الداعمة للإرهاب، ومشروعات الفوضى، وتوظيف المال السياسي في دعم مرتزقة “الإخوان” و”الإعلام المضلل” و”التظاهرات المأجورة”، وتسييس قضايا حقوق الإنسان، والحج والعمرة، والاعتذار لشقيقاتها، وتصحيح مسارها، والعودة إلى حضن البيت الخليجي، ولكن للأسف لا يزال العضو الصغير جداً في المجلس يمارس العصيان على من هم أكبر منه، ويؤذي نفسه وشعبه بتحالفاته مع أعداء العروبة والخليج، ويصرّ على إشعال فتيل الأزمات في المنطقة، وتقويض سلمها واستقرارها بمن هم وكلاء عنه من ميليشيات وأحزاب وجماعات مسلحة.
الشعوب الخليجية عليها أن تتخلى عن عواطفها وتفكّر من قمة الرياض غداً بمصالحها، وتوازن بينها شرقاً وغرباً؛ فالقضية تتعلق بكيان مستهدف من كل اتجاه، والضغوطات عليه أكبر من أن يتحملها بمفرده؛ من دون تحالفات قوية وعميقة يؤسس لها بمشروعات اقتصادية واستثمارية، وتعاون عسكري على مستوى من التدريب المشترك، وتنسيق أمني لمحاصرة الأفكار الإرهابية والمتطرفة قبل أن يتم تجنيدها تحت أي مسمى.
اليوم لم يعد أمام الخليج حكومات وشعوباً سوى التعامل مع الواقع على أنه سوق حرّة من المصالح؛ يحكمها جانبان: المشاركة في التأثير الدولي والإقليمي، والقدرة على صياغتها والتعبير عنها كحالة انسجام وتوافق مجتمعي. حيث لا تزال الفرص متاحة لبناء مصالح جديدة متعددة الأقطاب والتوجهات، والمواقف أيضاً، وكل ذلك يعزز من مكانة الخليج أرضاً وإنساناً، ويقطع الطريق على كل من يحاول النيل منه، أو التطاول عليه؛ فالمصالح وحدها تصنع حاجز الحماية الحقيقي لكيانه، وتحديداً حينما تدرك الشعوب قبل الحكومات أن خياراتها لم تعد رهينة قبولها أو رفضها، بل واقعها الذي يحتم عليها أن تراعي مصالحها مع من، وفي أي اتجاه، وتحفظ توازنها حينما يكون الانحياز أكبر من طاقتها.
الملك سلمان بحكمته، وقوته، ورؤيته قادر مع أشقائه قادة دول الخليج على إعادة رسم توجهات المجلس الحالية لتتوازن بين المبادئ والمصالح، وتنفرد في مهمة حضور مع العالم؛ ليعبّر عن موقفه بصيغة المجموع، ويتصدى للتهديدات بجبهة خليجية موحدة في الداخل، ومصالح اقتصادية تصطف حتماً مع من يخدمها ويستجيب لها.
د. أحمد الجميعـة
نقلاً عن (الرياض)