أتمتة الإجازة المرضية
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
عرضت إحدى حلقات مسلسل “طاش ما طاش” حياة مسؤول إيصال الخدمة الهاتفية للمنازل في مرحلة ما قبل الشركات؛ حيث كان الرجل صاحب حظوة، ويتعامل مع الآخرين بكل صلف، ويكلفهم كثيرا من الوقت والمال لإيصال الخدمة. كانت كثير من العلاقات الاجتماعية في ذلك الوقت تبنى على الفوائد من الأشخاص، فمن يعمل في قطاع خدمي، يحصل على كثير من الصداقات والاهتمام والعناية في كل مكان يصل إليه. ثم إن التقدم أثر في الجميع، وكلما فقدت خدمة فرصتها في السيطرة على وقت ومال المواطن، تراجعت أهمية الموظفين الذين يقدمونها. كان ذلك الفتح واحدا من وسائل السيطرة على الفساد الإداري، والاستغلال غير المنطقي وغير الأخلاقي للوظائف العامة. تدريجيا، تراجعت أهمية موظفين ووظائف، ومع دخول التقنية في حياتنا وسيطرتها فقدت وظائف أخرى أهميتها. كانت الإجازة المرضية واحدة من مشاغل مسؤولي الموارد البشرية لعقود، هذه الإجازة التي كانت تمنح من قبل الأصدقاء والأقارب بشكل شبه روتيني لمن يعرفون، وكانوا يسمونها “العذر” كوسيلة لتخفيف مسماها، الذي يجلب الخوف لدى طالبها. الإجازة المرضية مترابطة مع المواعيد في المستشفيات في إشغال الناس، وإفقاد المنظومات ساعات عمل لا مبرر لفقدانها. التعاقد المهم بين وزارة الخدمة المدنية ووزارة الصحة يسمح الآن بالسيطرة الجزئية على هذه الحال، ويجعل التلاعب بالإجازات المرضية من الماضي، إلى حد ما. وجود الإجازة المرضية على موقع وزارة الخدمة المدنية يسمح بإيقاف حالة التلاعب هذه، وينهي محاولات الاستخدام غير القانوني لهذه الإجازات، ويسمح في الوقت نفسه للمنظومة بأن تتأكد من المعلومات آليا وفوريا، تنتهي معه كثير من قضايا التغيب، والبحث عن الأعذار، وإصدار الإجازات المتأخرة، والمكاتبات التي تلتزم بها المنشآت للتأكد من صحة الإجازة وصدورها من المستشفى، وهو ما تشوبه العلاقة بالعنصر البشري ليبتعد عن المصداقية. نحتاج إلى مزيد من الإبداعات في المجال والتعاون المهم بين القطاعات لتغطية عوائق التنمية ومسببات الهدر المادي والبشري والإجرائي، هي برسم هذا التعاون المهم. في ختام هذا المقال، أهنئ الوزارتين على هذا التفاعل، وأدعو البقية إلى فعل الشيء ذاته في مواقع الهدر الموجودة، التي يمكن مقاومتها والتغلب عليها باستخدام وسائل حديثة، تقنية وبشرية.
علي الجحلي
(الاقتصادية)