ماذا تريد تركيا؟!
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
العلاقات الدولية فن يفترض بمسؤولي الدول أن يحسنوا الالتزام بها، وأن يحافظوا عليها مهما كان هناك من تباين في وجهات النظر، وهذا يعني فيما يعنيه تجنب التصريحات الاستفزازية، وعدم القول بما يؤذي هذه العلاقات، أو يعرّضها بما لا يخدم المصالح المشتركة.
* *
وفي قضية مقتل جمال خاشقجي، ظهر بعض المسؤولين في تركيا في أكثر من مناسبة، وتحدثوا عن أسرار يقولون إنها لديهم، عن هذا الحدث المؤلم، أحياناً يهدئون اللعبة بالقول إن المملكة وتركيا صديقان على امتداد التاريخ، وأحياناً يزيدون في حدة اتهاماتهم للمملكة، وأنهم سيُدوِّلون المشكلة إن لم تستجب الرياض لمطالبهم.
* *
كنا ننتظر منهم أن يقدِّروا مواقف المملكة، وأن يكونوا في موقع مَن يدافعون عن تعاملها، إذ ليس هناك ما هو أكثر من تأكيدها بأن جمال خاشقجي قتل في القنصلية، وتحديدها لهوية المتهمين وإيقافهم على ذمة التحقيق، وتمكين الأمن التركي من معاينة مقر القنصلية ومقر سكن القنصل في أسطنبول، وقيام النائب العام السعودي بعقد لقاءات مع نظيره التركي.
* *
لا أشك في نوايا المسؤولين الأتراك مطلقاً، غير أن ما تحدثوا به لا يعالج المشكلة، ولا يقرّبنا إلى معلومات أكثر مما قالته المملكة من تفاصيل عن مقتل ابنها الزميل جمال خاشقجي، لهذا كنا نتوقّع من المسؤولين الأتراك غير ما استمعنا إليه.
* *
نعلم أن مثل هذه الحوادث تأتي أحياناً دون تخطيط مسبق، وإن قالت السلطات التركية إن مقتل جمال كان مخططاً له، مع أن مثل هذه الأمور لا يمكن الجزم بها إلا من خلال التحقيق الشفّاف والعادل والنزيه، وهو ما تتميز به محاكم المملكة.
* *
لهذا، فإن أي كلام (يزيد أو ينقص) عمَّا قالته المملكة، مهما كان حجم الهجمة الإعلامية، لن يغيّر من الواقع شيئاً، وستظل المملكة بقيادة الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان في موقعها القوي والثابت، تدفع بإمكاناتها في سبيل استقرار المنطقة وسلامة أمن دولها ومواطنيها، دون النظر إلى التحديات التي تواجهها، والمؤامرات التي تستهدفها وتحاك ضدها، إلا بقدر ما يمكنها من تجاوزها وهزيمتها في كل الأماكن والأزمنة.
خالد بن حمد المالك
رئيس تحرير صحيفة (الجزيرة)