جامعة شقراء وملف السعودة
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
شُغلت مواقع التواصل الاجتماعي في الأسبوع الماضي بالحديث الذي دار بين أحد طلاب جامعة شقراء ومديرها الأستاذ الدكتور عوض بن خزيم الأسمري. وملخص الموضوع أن الطالب انتقد عدم وجود أعضاء هيئة تدريس من السعوديين في مجال الطب؛ ليشكلوا قدوة وحافزًا له في تعليمه.
تكلم الطالب بعفوية تامة، وأكد أنه يحترم الأساتذة من كل الجنسيات، لكنه ما زال يرى أن تعليمه ناقص لعدم وجود أستاذ سعودي، كما يُفهم من كلامه. وقد رد مدير الجامعة عليه بأن وجود غير السعوديين ليس نقيصة، وأن الجامعة تعلن باستمرار وظائف لأعضاء هيئة تدريس، ولكن لم يتقدم من تنطبق عليه الشروط.
هذا الحوار الذي دار بين الطالب ومدير الجامعة تحول إلى صراع في تويتر على قضية السعودة في الجامعة بين متطرف ينادي بالسعودة في الجامعات، بمعنى أن لا يكون فيها غير السعوديين، وآخرين ناقشوا الموضوع بشيء من الموضوعية، وأيدوا مدير الجامعة في رده.
شخصيًّا استرعى انتباهي في هذا الحوار تأكيد مدير الجامعة دور الأساتذة غير السعوديين بدون انتقاص لهم، وهو تأكيد يدل على وعي مدير الجامعة، كما أكد وجود شروط وضوابط في قبول مَن يتقدم للجامعة، وهذا أيضًا إجراء سليم ومعيار لا بد من تحققه.
وفي المقابل، كان هناك ضجيج في تويتر حول إبقاء غير السعوديين في الجامعات. وتناسى هؤلاء أن الجامعات السعودية قام أغلبها على أساتذة من العرب وغير العرب، قدموا الشيء الكثير، وأن التوسع في الجامعات وفي أعداد الطلاب لا يمكِّن الجامعات من الاقتصار على أعضاء هيئة تدريس من السعوديين؛ لأن ذلك فوق طاقتها، ومن المستحيل وجود أعداد كافية من السعوديين يقومون بالتدريس. كما أن الأمر لا يتوقف على وجود عضو هيئة تدريس سعودي أو غير سعودي؛ فهناك مراتب علمية لأساتذة الجامعات، تتراوح بين الأستاذ المساعد والمشارك والأستاذ (professor).
وهناك تخصصات علمية، يقل فيها عدد السعوديين، خاصة في المجال العلمي والتطبيقي، ولا يمكن تغطيتها بالسعوديين فقط.
ولعلنا نتذكر أن من أسباب عدم وجود سعوديين هو توقُّف الجامعات في فترة ماضية عن تعيين معيدين، وتقليص البعثات؛ وهذا أثر – بدون شك – على وجود النقص في الفترة الراهنة.
ما أود توضيحه هو أنه لا بد من مناقشة الموضوع بعيدًا عن الأهواء والعاطفة؛ فالجامعات الكبرى في العالم التي تتمتع بسمعة علمية قوية تسعى سعيًا حثيثًا إلى استقطاب أعضاء هيئة تدريس من شتى أنحاء العالم شريطة أن يكونوا من المتميزين، وممن يضيفون لسمعة الجامعة بسبب تميزهم في مجال تخصصهم؛ وبالتالي فإن من حق الجامعات أن تبحث عن أساتذة مميزين غير سعوديين، وأن تبحث عن أساتذة في تخصصات لنقص المؤهلين من السعوديين.. ومن الواجب أن نعيد للجامعات قيمتها ومكانتها العلمية؛ فالجامعة لا بد أن تشمل التنوع في الخبرة والكفاءة، وهذا لا يكون إلا بتنوع أعضاء هيئة التدريس فيها من وطنيين وغير وطنيين. ومن الضروري أن تستقطب الجامعات المميزين حتى وإن ارتفعت تكاليف استقطابهم؛ فهم من يعطون الجامعة قيمة ومكانة، ويسهمون في رفع ترتيب هذه الجامعات في التصنيف العالمي.
د.دلال بنت مخلد الحربي
(الجزيرة)