من هو الأديب الذي قدم له طه حسين أول مؤلفاته؟
(هذا كتاب ممتع إلى أبعد غايات الإمتاع، لا أعرف أن مثله أتيح لنا في هذا العصر الحديث).
هكذا كتب الدكتور طه حسين في الفقرة الأولى من تقديمه لكتاب البروفيسور السوداني الراحل عبد الله الطيب (المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها) الواقع في خمسة مجلدات.
وجاء صدور الكتاب في الخمسينات من القرن الماضي، حيث طبع لأول مرة في عام 1955 وكان باكورة إنتاج الأديب السوداني العائد للتوّ من دراسته في بريطانيا حيث تخصص في الأدب الإنجليزي، بالإضافة إلى إتقانه العميق للغة العربية الكلاسيكية.
وأعيدت طباعة الكتاب أكثر من مرة في بيروت عام 1970 وطبع للمرة الثالثة في الكويت عام 1989 وطبع للمرة الرابعة في الخرطوم عام 1991.
مرجع موسوعي
يُعد (المرشد) من أهم المراجع المعاصرة حول تقنيات الشعر العربي ونظمه، وقواعده، ويقدم ذلك بأسلوب سلس وسهل، وحيث يعتبر موسوعة في مجاله.
ويرى طه حسين، أن الكتاب جمع بين الإمتاع الأدبي والدقة العلمية، ويتحدث عن مؤلفه الذي كان شاباً صغيراً وقتها، وأنه لم يتعرف عليه قبل أن يطلع على مسودة كتابه الضخم.
ويؤكد الأديب الراحل عميد الأدب العربي بشأن إطرائه على الكتاب: “ولست أقول هذا متكثراً أو غالياً، أو مؤثراً إرضاء صاحبه، وإنما أقول عن ثقة وعن بينة، ويكفي أني لم أكن أعرف الأستاذ المؤلف قبل أن يزورني ذات يوم ويتحدث إليّ في كتابه هذا”.
ثم يمضي للقول: “ثم لم أكد اقرأ منه فصولاً، حتى رأيت الرضى عنه، والإعجاب به، يفرضان عليّ فرضاً، وحتى رأيتني ألحّ على الأستاذ المؤلف في أن ينشر كتابه، وأن يكون نشره في مصر، وأخذت نفسي بتيسير العسير من أمر هذا النشر”.
إسهامات أخرى
يعتبر عبدالله الطيب علم من أعلام الأدب السوداني الحديث، وقد جمع بين المناهج التقليدية والحداثة في كتبه، التي تنوعت ما بين الشعر ونقد الشعر و”الأحاجي السودانية” التي رصدها في كتاب بالاسم نفسه والمذكرات وغيرها.
وكان الطيب يقوم بتفسير القرآن الكريم عبر الإذاعة السودانية بطريقة بسيطة وباللغة الدارجة، حيث يوصل المعاني لعامة الناس.
وله تسجيلات نادرة في برامج تلفزيونية وإذاعية، تقوم على التعريف بالأدب العربي ودوره في الحضارة الإنسانية، كما كان من كبار المحتفين باللغة العربية والداعين لعودتها إلى مجدها التالد.
زوجته الإنجليزية
ولد عبدالله الطيب في مدينة الدامر شمال السودان في عام 1921 وتوفي في 2003 وتلقى تعليمه بكلية غوردون التذكارية، التي أصبحت جامعة الخرطوم فيما بعد، ومن ثم جامعة لندن ومعهد الدراسات الشرقية والإفريقية.
وعاد إلى السودان بعد نيل الدكتوراه ليصبح عميداً لكلية الآداب بجامعة الخرطوم منذ مطلع الستينات إلى منتصف السبعينات.
وحصل في عام 2000 على جائزة الملك فيصل العالمية في الأدب.
وهو متزوج من سيدة إنجليزية تدعى جريزلدا الطيب ما زالت على قيد الحياة، وتقيم بالسودان، وهي فنانة تشكيلية متمسكة بالتراث السوداني والموروث وتعلمت اللغة العربية.